قال الله تعالى : [ وإذ قال موسى لقومه.. إلى .. وما الله بغافل عما تعملون ] سورة البقرة من آية (67) إلى نهاية آية (74).
المناسبة :
لما ذكر تعالى بعض قبائح اليهود وجرائمهم ، من نقض المواثيق ، واعتدائهم في السبت ، وتمردهم على الله عز وجل فى تطبيق شريعته المنزلة ، أعقبه بذكر نوع آخر من مساوئهم ، ألا وهو مخالفتهم للأنبياء وتكذيبهم لهم ، وعدم مسارعتهم لامتثال الأوامر التي يوحيها الله إليهم ، ثم كثرة اللجاج والعناد للرسل صلوات الله عليهم ، وجفاؤهم فى مخاطبة نبيهم الكريم (موسى) عليه السلام ، إلى آخر ما هنالك من قبائح ومساوئ اتصف بها اليهود.
اللغة :
[ هزوا ] الهزؤ : السخرية بضم الزاي وقلب الهمزة واوا [ هزوا ] مثل [ كفوا أحد ] والمعنى على حذف مضاف أي أتتخذنا موضع هزؤ ، أو يحمل المصدر على معنى اسم المفعول أي أتجعلنا مهزوءاً بنا
[ فارض ] الفارض : الهرمة المسنة التي كبرت وطعنت في السن ، (البكر) الفتية السن التي لم تحمل بعد ، ولم يلقحها الفحل لصغرها قال الشاعر :
لعمري لقد أعطيت ضيفك " فارضا " تساق إليه ما تقوم على رجل
ولم تعطه " بكراً " فيرضى سمينة فكيف تجازى بالمودة والفضل ؟
[ عوان ] وسط ليست بمسنة ولا صغيرة ، وقيل هى التي ولدت بطنا أو بطنين ،
[ فاقع ] الفقوع : شدة الصفرة يقال : أصفر فاقع أي شديد الصفرة كما يقال : أحمر قان أي شديد الحمرة ، قال الطبري : وهو نظير النصوع في البياض
[ ذلول ] أي مذللة للعمل يقال : دابة ذلول أي ريضة زالت صعوبتها فقوله [ لا ذلول ] أي لم تذلل لإثارة الأرض أي لحرثها
[ مسلمة ] من السلامة أي خالصة ومبرأة من العيوب
[ شية ] الشية : اللمعة المخالفة لبقية اللون الأصلي ، قال الطبري : [ لا شية فيها ] أي لا بياض ولا سواد يخالف لونها
[ فادارأتم ] أي تدافعتم واختلفتم وتنازعتم ، وأصلها
تدارأتم أدغمت التاء في الدال ، وأتي بهمزة الوصل ليتوصل بها إلى النطق بالساكن
فصار ادارأتم ، ومعنى الدرء : الدفع ، لأن كلا من الفريقين كان يدرأ على الآخر أي
يدفع التهمة عن نفسه ، ويلحقها بالآخر ، وفي الحديث " ادرءوا الحدود بالشبهات
"
[ قست ] القسوة : الصلابة ونقيضها الرقة
[ يشقق ] التشقق : التصدع بطول أو عرض
[ يهبط ] الهبوط : النزول من أعلى إلى أسفل.
معجزة إحياء الميت وقصة البقرة
ذكر القصة : روى ابن أبي حاتم عن عبيدة السلماني قال : " كان رجل من بني إسرائيل عقيما لا يولد له ، وكان له مال كثير ، وكان ابن أخيه وارثه ، فقتله ثم احتمله ليلا ، فوضعه على باب رجل منهم ، ثم أصبح يدعيه عليهم حتى تسلحوا وركب بعضهم على بعض ، فقال ذوو الرأى منهم والنهى : علام يقتل بعضنا بعضا وهذا رسول الله فيكم ؟ فأتوا موسى عليه السلام فذكروا ذلك له فقال :
[ إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ] قال : ولو لم يعترضوا لأجزأت عنهم أدنى بقرة ، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم ، حتى انتهوا إلى البقرة التي أمروا بذبحها ، فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها ، فقال : والله لا أنقصها من ملء جلدها ذهبا ، فاشتروها بملء جلدها ذهبا ، فذبحوها فضربوه ببعضها فقام حيا ، فقالوا : من قتلك ؟ قال : هذا وأشار إلى ابن أخيه ، ثم مال ميتا ، فلم يورث قاتل بعد " وفي رواية " فأخذوا الغلام فقتلوه " .
التفسير :
[ وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ] أي اذكروا يا يني إسرائيل حين قال لكم نبيكم موسى : إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة
[ قالوا أتتخذنا هزوا ] أي فكان جوابكم الوقح لنبيكم أن قلتم : أتهزأ بنا يا موسى
[ قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ] . أي ألتجئ إلى الله أن أكون فى زمرة المستهزئين الجاهلين
[ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ] أي ما هي هذه البقرة ؟ وأي شئ صفتها ؟
[ قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر ] أي لا كبيرة هرمة ، ولا صغيرة لم يلقحها الفحل
[ عوان بين ذلك ] أي وسط بين الكبيرة والصغيرة
[ فافعلوا ما تؤمرون ] أي افعلوا ما أمركم به ربكم ولا تتعنتوا ولا تشددوا على أنفسكم ، فيشدد الله عليكم
[ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها ] أي ما هو لونها هل هو أبيض أم أسود ؟ أم غير ذلك ؟
[ قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ] أي أنها بقرة صفراء شديدة الصفرة ، حسن منظرها ، تسر كل من رآها.
[ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ] أعادوا السؤال عن حال البقرة بعد أن عرفوا سنها ولونها ، ليزدادوا بيانا لوصفها ، ثم اعتذروا بأن البقر الموصوف بكونه (عواناً) أو وسطا ، وبالصفرة الفاقعة كثير
[ إن البقر تشابه علينا ] أي التبس الأمر علينا فلم ندر ما البقرة المأمور بذبحها ؟
[ وإنا إن شاء الله لمهتدون ] أي سنهتدي إلى معرفتها إن شاء الله ، ولو لم يقولوا ذلك لم يهتدوا إليها أبدا ، كما ثبت ذلك فى الحديث الصحيح.
[ قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث ] أي ليست هذه البقرة مسخرة لحراثة الأرض ، ولا لسقاية الزرع
[ مسلمة لا شية فيها ] أي سليمة من العيوب ، ليس فيها لون آخر يخالف لونها ، فهي صفراء كلها
[ قالوا الآن جئت بالحق ] أي الآن بينتها لنا بيانا شافيا ، لا غموض فيه ولا لبس ، قال تعالى إخباراً عنهم
[ فذبحوها وما كادوا يفعلون ] لغلاء ثمنها أو خوف الفضيحة.. ثم أخبر تعالى عن سبب أمرهم بذبح البقرة ، وعما شهدوه من آيات الله الباهرة ، فقال :
[ وإذ قتلتم نفسا ] أي اذكروا يا بني إسرائيل حين قتلتم نفسا
[ فادارأتم فيها ] أي تخاصمتم وتدافعتم بشأنها ، وأصبح كل فريق يدفع التهمة عن نفسه وينسبها لغيره
[ والله مخرج ما كنتم تكتمون ] أي مظهر ما تخفونه
[ قست ] القسوة : الصلابة ونقيضها الرقة
[ يشقق ] التشقق : التصدع بطول أو عرض
[ يهبط ] الهبوط : النزول من أعلى إلى أسفل.
معجزة إحياء الميت وقصة البقرة
ذكر القصة : روى ابن أبي حاتم عن عبيدة السلماني قال : " كان رجل من بني إسرائيل عقيما لا يولد له ، وكان له مال كثير ، وكان ابن أخيه وارثه ، فقتله ثم احتمله ليلا ، فوضعه على باب رجل منهم ، ثم أصبح يدعيه عليهم حتى تسلحوا وركب بعضهم على بعض ، فقال ذوو الرأى منهم والنهى : علام يقتل بعضنا بعضا وهذا رسول الله فيكم ؟ فأتوا موسى عليه السلام فذكروا ذلك له فقال :
[ إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ] قال : ولو لم يعترضوا لأجزأت عنهم أدنى بقرة ، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم ، حتى انتهوا إلى البقرة التي أمروا بذبحها ، فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها ، فقال : والله لا أنقصها من ملء جلدها ذهبا ، فاشتروها بملء جلدها ذهبا ، فذبحوها فضربوه ببعضها فقام حيا ، فقالوا : من قتلك ؟ قال : هذا وأشار إلى ابن أخيه ، ثم مال ميتا ، فلم يورث قاتل بعد " وفي رواية " فأخذوا الغلام فقتلوه " .
التفسير :
[ وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ] أي اذكروا يا يني إسرائيل حين قال لكم نبيكم موسى : إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة
[ قالوا أتتخذنا هزوا ] أي فكان جوابكم الوقح لنبيكم أن قلتم : أتهزأ بنا يا موسى
[ قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ] . أي ألتجئ إلى الله أن أكون فى زمرة المستهزئين الجاهلين
[ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ] أي ما هي هذه البقرة ؟ وأي شئ صفتها ؟
[ قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر ] أي لا كبيرة هرمة ، ولا صغيرة لم يلقحها الفحل
[ عوان بين ذلك ] أي وسط بين الكبيرة والصغيرة
[ فافعلوا ما تؤمرون ] أي افعلوا ما أمركم به ربكم ولا تتعنتوا ولا تشددوا على أنفسكم ، فيشدد الله عليكم
[ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها ] أي ما هو لونها هل هو أبيض أم أسود ؟ أم غير ذلك ؟
[ قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ] أي أنها بقرة صفراء شديدة الصفرة ، حسن منظرها ، تسر كل من رآها.
[ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ] أعادوا السؤال عن حال البقرة بعد أن عرفوا سنها ولونها ، ليزدادوا بيانا لوصفها ، ثم اعتذروا بأن البقر الموصوف بكونه (عواناً) أو وسطا ، وبالصفرة الفاقعة كثير
[ إن البقر تشابه علينا ] أي التبس الأمر علينا فلم ندر ما البقرة المأمور بذبحها ؟
[ وإنا إن شاء الله لمهتدون ] أي سنهتدي إلى معرفتها إن شاء الله ، ولو لم يقولوا ذلك لم يهتدوا إليها أبدا ، كما ثبت ذلك فى الحديث الصحيح.
[ قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث ] أي ليست هذه البقرة مسخرة لحراثة الأرض ، ولا لسقاية الزرع
[ مسلمة لا شية فيها ] أي سليمة من العيوب ، ليس فيها لون آخر يخالف لونها ، فهي صفراء كلها
[ قالوا الآن جئت بالحق ] أي الآن بينتها لنا بيانا شافيا ، لا غموض فيه ولا لبس ، قال تعالى إخباراً عنهم
[ فذبحوها وما كادوا يفعلون ] لغلاء ثمنها أو خوف الفضيحة.. ثم أخبر تعالى عن سبب أمرهم بذبح البقرة ، وعما شهدوه من آيات الله الباهرة ، فقال :
[ وإذ قتلتم نفسا ] أي اذكروا يا بني إسرائيل حين قتلتم نفسا
[ فادارأتم فيها ] أي تخاصمتم وتدافعتم بشأنها ، وأصبح كل فريق يدفع التهمة عن نفسه وينسبها لغيره
[ والله مخرج ما كنتم تكتمون ] أي مظهر ما تخفونه
[ فقلنا اضربوه ببعضها ] أي اضربوا القتيل بشيء من البقرة ،
يحيا ويخبركم عن قاتله
[ كذلك يحي الله الموتى ] أي كما أحيا هذا القتيل أمام أبصاركم ، كذلك يحي الموتى ، ويخرجهم من قبورهم
[ ويريكم آياته لعلكم تعقلون ] أي يريكم دلائل قدرته ، لتتفكروا وتتدبروا وتعلموا أن الله على كل شيء قدير.. ثم أخبر تعالى عن جفائهم وقسوة قلوبهم فقال :
[ ثم قست قلوبكم ] أي صلبت قلوبكم يا معشر اليهود ، فلا يؤثر فيها وعظم ولا تذكير
[ من بعد ذلك ] أي من بعد رؤية المعجزات الباهرة
[ فهي كالحجارة أو أشد قسوة ] أي بعضها كالحجارة ، وبعضها أشد قسوة من الحجارة كالحديد
[ وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار ] أي تتدفق منها الأنهار الغزيرة
[ وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء ] أى من الحجارة ما يتصدع اشفاقا من عظمة الله ، فينبع منه الماء
[ وإن منها لما يهبط من خشية الله ] أي ومنها ما يتفتت ويتردى من رؤوس الجبال من خشية الله ، فالحجارة تلين وتخشع ، وقلوبكم يا معشر اليهود لا تتأثر ولا تلين
[ وما الله بغافل عما تعملون ] أي أنه تعالى رقيب على أعمالهم ، لا تخفى عليه خافية ، وسيجازيهم عليها يوم القيامة ، وفي هذا وعيد وتهديد شديد!.
البلاغة :
أولا : قوله تعالى : [ فذبحوها وما كادوا يفعلون ] من إيجاز القرآن وإبداعه أن حذف من صدر هذه الجملة ، جملتين مفهومتين من نظم الكلام والتقدير : فطلبوا البقرة الجامعة للأوصاف السابقة ، وحصلوها ، فلما اهتدوا إليها ذبحوها ، وهذا من الإيجاز بالحذف اللطيف ، لأن الفهيم يدركه.
ثانيا : قوله تعالى : [ والله مخرج ما كنتم تكتمون ] هذه الجملة اعتراضية بين قوله : [ فادارأتم ] وقوله : [ فقلنا اضربوه ] والجملة المعترضة بين ما شأنهما الاتصال ، تجيء تحلية يزداد بها الكلام البليغ حسناً ، وفائدة الاعتراض هنا إشعار المخاطبين بأن الحقيقة ستنجلي لا محالة.
ثالثا : [ ثم قست قلوبكم ] وصف القلوب بالصلابة والغلظ ، يراد منه نبوها عن الاعتبار ، وعدم تأثرها بالمواعظ والنصائح ، ففيه استعارة تصريحية ، قال أبو السعود : القسوة عبارة عن الغلظ والجفاء والصلابة كما في الحجر ، استعيرت لنبو قلوبهم عن التأثر بالعظات ، والقوارع التى تميع منها الجبال ، وتلين بها الصخور.
رابعا : [ فهي كالحجارة ] فيه تشبيه يسمى (مرسلا مجملا) لأن أداة التشبيه مذكورة وهي الكاف ، ووجه الشبه محذوف وهو الصلابة والقسوة.
خامسا : [ لما يتفجر منه الأنهار ] أي ماء الأنهار ، والعرب يطلقون اسم المحل كالنهر ، على الحال فيه كالماء ، والقرينة ظاهرة لأن التفجر إنما يكون للماء ويسمى هذا (مجازاً مرسلا).!
الفوائد :
الفائدة الأولى : نبه قوله تعالى : [ قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ] على أن الاستهزاء بأمر من أمور الدين جهل كبير ، وقد منع المحققون من أهل العلم استعمال الآيات ، كأمثال يضربونها في مقام المزاح والهزل ، وقالوا إنما أنزل القرآن للتدبر والخشوع ، لا للتسلي والتفكه والمزاح ، ويخشى على من فعل ذلك من الكفر ، لقوله تعالى : [ قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ؟ لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ] .
الثانية : الخطاب في قوله : [ وإذ قتلتم نفسا ] لليهود المعاصرين للنبى (صلى الله عليه وسلم) وقد جرى على الأسلوب المعروف في مخاطبة الأقوام ، إذ ينسب إلى الخلف ما فعل السلف ، إذا كانوا سائرين على نهجهم ، راضين بفعلهم ، وفيه توبيخ وتقريح للغابرين والحاضرين.
[ كذلك يحي الله الموتى ] أي كما أحيا هذا القتيل أمام أبصاركم ، كذلك يحي الموتى ، ويخرجهم من قبورهم
[ ويريكم آياته لعلكم تعقلون ] أي يريكم دلائل قدرته ، لتتفكروا وتتدبروا وتعلموا أن الله على كل شيء قدير.. ثم أخبر تعالى عن جفائهم وقسوة قلوبهم فقال :
[ ثم قست قلوبكم ] أي صلبت قلوبكم يا معشر اليهود ، فلا يؤثر فيها وعظم ولا تذكير
[ من بعد ذلك ] أي من بعد رؤية المعجزات الباهرة
[ فهي كالحجارة أو أشد قسوة ] أي بعضها كالحجارة ، وبعضها أشد قسوة من الحجارة كالحديد
[ وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار ] أي تتدفق منها الأنهار الغزيرة
[ وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء ] أى من الحجارة ما يتصدع اشفاقا من عظمة الله ، فينبع منه الماء
[ وإن منها لما يهبط من خشية الله ] أي ومنها ما يتفتت ويتردى من رؤوس الجبال من خشية الله ، فالحجارة تلين وتخشع ، وقلوبكم يا معشر اليهود لا تتأثر ولا تلين
[ وما الله بغافل عما تعملون ] أي أنه تعالى رقيب على أعمالهم ، لا تخفى عليه خافية ، وسيجازيهم عليها يوم القيامة ، وفي هذا وعيد وتهديد شديد!.
البلاغة :
أولا : قوله تعالى : [ فذبحوها وما كادوا يفعلون ] من إيجاز القرآن وإبداعه أن حذف من صدر هذه الجملة ، جملتين مفهومتين من نظم الكلام والتقدير : فطلبوا البقرة الجامعة للأوصاف السابقة ، وحصلوها ، فلما اهتدوا إليها ذبحوها ، وهذا من الإيجاز بالحذف اللطيف ، لأن الفهيم يدركه.
ثانيا : قوله تعالى : [ والله مخرج ما كنتم تكتمون ] هذه الجملة اعتراضية بين قوله : [ فادارأتم ] وقوله : [ فقلنا اضربوه ] والجملة المعترضة بين ما شأنهما الاتصال ، تجيء تحلية يزداد بها الكلام البليغ حسناً ، وفائدة الاعتراض هنا إشعار المخاطبين بأن الحقيقة ستنجلي لا محالة.
ثالثا : [ ثم قست قلوبكم ] وصف القلوب بالصلابة والغلظ ، يراد منه نبوها عن الاعتبار ، وعدم تأثرها بالمواعظ والنصائح ، ففيه استعارة تصريحية ، قال أبو السعود : القسوة عبارة عن الغلظ والجفاء والصلابة كما في الحجر ، استعيرت لنبو قلوبهم عن التأثر بالعظات ، والقوارع التى تميع منها الجبال ، وتلين بها الصخور.
رابعا : [ فهي كالحجارة ] فيه تشبيه يسمى (مرسلا مجملا) لأن أداة التشبيه مذكورة وهي الكاف ، ووجه الشبه محذوف وهو الصلابة والقسوة.
خامسا : [ لما يتفجر منه الأنهار ] أي ماء الأنهار ، والعرب يطلقون اسم المحل كالنهر ، على الحال فيه كالماء ، والقرينة ظاهرة لأن التفجر إنما يكون للماء ويسمى هذا (مجازاً مرسلا).!
الفوائد :
الفائدة الأولى : نبه قوله تعالى : [ قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ] على أن الاستهزاء بأمر من أمور الدين جهل كبير ، وقد منع المحققون من أهل العلم استعمال الآيات ، كأمثال يضربونها في مقام المزاح والهزل ، وقالوا إنما أنزل القرآن للتدبر والخشوع ، لا للتسلي والتفكه والمزاح ، ويخشى على من فعل ذلك من الكفر ، لقوله تعالى : [ قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ؟ لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ] .
الثانية : الخطاب في قوله : [ وإذ قتلتم نفسا ] لليهود المعاصرين للنبى (صلى الله عليه وسلم) وقد جرى على الأسلوب المعروف في مخاطبة الأقوام ، إذ ينسب إلى الخلف ما فعل السلف ، إذا كانوا سائرين على نهجهم ، راضين بفعلهم ، وفيه توبيخ وتقريح للغابرين والحاضرين.
الثالثة : هذه الواقعة (واقعة قتل النفس) جرت قبل أمرهم
بذبح البقرة ، وإن وردت في الذكر بعده ، والسر في ذلك : التشويق إلى معرفة السبب
في ذبح البقرة ، والتكرير في التقريع والتوبيخ ، قال العلامة أبو السعود : وإنما
غير الترتيب لتكرير التوبيخ وتثنية التقريع ، فإن كل واحد من قتل النفس المحرمة ،
والاستهزاء بموسى عليه السلام والافتيات على أمره ، جناية عظيمة جديرة بأن تنعى
عليهم.
الرابعة : ذكر تعالى إحياء الموتى في هذه السورة الكريمة فى خمسة مواضع :
-الأول : في قوله : [ ثم بعثناكم من بعد موتكم ]
-الثاني : وفي هذه القصة [ فقلنا اضربوه ببعضها ]
-الثالث : في قصة القوم الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت [ فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم ]
-الرابع : فى قصة عزير [ فأماته الله مائة عام ثم بعثه ]
-الخامس : في قصة إبراهيم [ رب أرني كيف تحي الموتى ] ؟.
الخامسة : [ أو ] في قوله تعالى : [ فهي كالحجارة أو أشد قسوة ] بمعنى " بل " أي بل أشد قسوة كقوله تعالى : [ وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ] أي بل يزيدون.
السادسة : ذهب بعض المفسرين إلى أن الخشية هنا حقيقية ، وأن الله تعالى جعل لهذه الأحجار خشية بقدرها كقوله تعالى : [ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ] وقال آخرون : بل هو من باب المجاز كقول القائل : قال الحائط للمسمار : لم تشقني ؟ قال : سل من يدقني ؟ فهو بطريق التمثيل لروعة التأثير حتى على الجماد ، والله أعلم.
الرابعة : ذكر تعالى إحياء الموتى في هذه السورة الكريمة فى خمسة مواضع :
-الأول : في قوله : [ ثم بعثناكم من بعد موتكم ]
-الثاني : وفي هذه القصة [ فقلنا اضربوه ببعضها ]
-الثالث : في قصة القوم الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت [ فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم ]
-الرابع : فى قصة عزير [ فأماته الله مائة عام ثم بعثه ]
-الخامس : في قصة إبراهيم [ رب أرني كيف تحي الموتى ] ؟.
الخامسة : [ أو ] في قوله تعالى : [ فهي كالحجارة أو أشد قسوة ] بمعنى " بل " أي بل أشد قسوة كقوله تعالى : [ وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ] أي بل يزيدون.
السادسة : ذهب بعض المفسرين إلى أن الخشية هنا حقيقية ، وأن الله تعالى جعل لهذه الأحجار خشية بقدرها كقوله تعالى : [ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ] وقال آخرون : بل هو من باب المجاز كقول القائل : قال الحائط للمسمار : لم تشقني ؟ قال : سل من يدقني ؟ فهو بطريق التمثيل لروعة التأثير حتى على الجماد ، والله أعلم.
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء