قال الله تعالى : [ الله لا إله إلا هو الحي القيوم.. إلى .. أولئك أصحاب النار
هم فيها خالدون ]
المناسبة :
لما ذكر تعالى تفضيل بعض الأنبياء على بعض ، وبين أن الخلائق قد اختلفوا من
بعدهم ، وتنازعوا وتقاتلوا بسبب الدين ، ذكر أن هذا التفضيل بين الأنبياء لا
يستدعي الصراع بين الأتباع ، ولا الخصام والنزاع ، فالرسل صلوات الله عليم وإن
كانوا متفاوتين في الفضل ، إلا أنهم جميعا جاءوا بدعوة واحدة هي (دعوة التوحيد)
فرسالتهم واحدة ، ودينهم واحد ، وانه لا إكراه في الدين ، فقد سطع نور الحق وأشرق
ضياؤه.
اللغة :
[ الحي ] ذو الحياة الكاملة ومعناه الباقي الدائم الذي لا سبيل للفناء عليه
[ القيوم ] القائم بتدبير الخلق
[ سنة ] بكسر السين النعاس ، وهو ما يسبق النوم من فتور قال الشاعر :
وسنان أقعده النعاس فرنقت في عينه سنة وليس بنائم
[ يؤوده ] يثقله ويتعبه
[ العلي ] المراد علو المنزلة والشأن ، الذي تعالى في جلاله ، وعظم في سلطانه
[ إكراه ] الإكراه : حمل الشخص على ما يكره بطريق القسر والجبر
[ الطاغوت ] من الطغيان وهو كل ما يطغي الإنسان ويضله عن طريق الحق والهدى
[ الوثقى ] مؤنث الأوثق وهو الشيء المحكم الموثق
[ انفصام ] الانفصام : الانكسار ، قال الفراء : الانفصام والانقصام لغتان وبالفاء
أفصح وقال بعضهم : الفصم : انكسار بغير بينونة ، والقصم : انكسار ببينونة.
سبب النزول :
كان لرجل من الأنصار ابنان تنصرا قبل بعثة النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم قدما المدينة في نفر من
التجار يحملون الزيت ، فلزمهما أبوهما وقال : لا أدعكما حتى تسلما ، فنزلت [ لا
إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ] . (( وهذه الرواية ذكرها ابن كثير عن
ابن جرير الطبري ، والآية منسوخة بآية القتال لقوله تعالى (تقاتلونهم أو يسلمون)
)) الآية ، فبين تعالى أنه لا يجبر أحد بالكره على الإيمان ، لأن الحق واضح.
التفسير :
[ الله لا إله إلا هو الحي القيوم ] أي هو الله جل جلاله الواحد الأحد الفرد
الصمد ، ذو الحياة الكاملة ، الباقي الدائم الذي لا يموت ، القائم على تدبير شؤون
الخلق ، بالرعاية والحفظ والتدبير
[ لا تأخذه سنة ولا نوم ] أي لا يأخذه نعاس ولا نوم ، كما ورد في الحديث الصحيح :
" إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه "
[ له ما في السموات وما في الأرض ] أي جميع ما في السموات والأرض ملكه وعبيده ،
وتحت قهره وسلطانه
[ من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ] أي لا أحد يستطيع أن يشفع لأحد إلا إذا أذن
له الله تعالى ، قال ابن كثير : وهذا بيان لعظمه وجلاله وكبريائه بحيث لا يتجاسر
أحد على الشفاعة إلا بإذن المولى
[ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ] أي يعلم ما هو حاضر مشاهد لهم وهو (الدنيا)
[ وما خلفهم ] أي أمامهم وهو (الآخرة) ، فقد أحاط علمه بالكائنات والعوالم
[ ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ] أي لا يعلمون شيئا
من معلوماته إلا بما
أعلمهم إياه على ألسنة الرسل
[ وسع كرسيه السموات والأرض ] أي أحاط كرسيه بالسموات والأرض لبسطته وسعته ،
والسموات السبع والأرضون بالنسبة للكرسي كحلقة ملقاة في فلاة ، وروي عن ابن عباس
[ وسع كرسيه ] قال : علمه بدلالة قوله تعالى [ ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ] فأخبر
أن علمه وسع كل شيء ((قال ابن جرير : وقول ابن عباس هذا يدل على صحته ظاهر
القرآن ، ولأن أصل الكرسي العلم ، ومنه يقال للعلماء كراسي لأنهم المعتمد عليهم ،
كما يقال أوتاد الأرض انتهى ، والصحيح ما قاله ابن كثير أن الكرسي خلق من
مخلوقات الله عظيم غير العرش )). وقال الحسن البصري : الكرسي هو العرش ، قال ابن
كثير : والصحيح أن الكرسي غير العرش ، وأن العرش أكبر منه كما دلت على ذلك الآثار
والأخبار
[ ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم ] أي لا يثقله ولا يعجزه حفظ السموات والأرض
ومن فيهما ، وهو العلي فوق خلقه ذو العظمة والجلال كقوله [ وهو الكبير المتعال ]
[ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ] أي لا إجبار ولا إكراه لأحد على
الدخول في دين الإسلام ، فقد بان ووضح الحق من الباطل والهدى من الضلال
[ فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة والوثقى ] أي من كفر بما
يعبد من غير الله ، كالشيطان والأوثان ، وآمن بالله فقد تمسك من الدين بأقوى سبب
[ لا انفصام لها ] أي لا انقطاع لها ولا زوال
[ والله سميع عليم ] أي سميع لأقوال عباده ، عليم بأفعالهم
[ الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ] أي الله ناصر المؤمنين
وحافظهم ومتولي أمورهم ، يخرجهم من ظلمات الكفر والضلالة ، إلى نور الإيمان
والهداية
[ والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات ] أي وأما
الكافرون فأولياؤهم الشياطين ، يخرجونهم من نور اليقين والإيمان ، إلى ظلمات الشك
والضلال
[ أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ] أي ماكثون في نار جهنم لا يخرجون منها
أبدا.
البلاغة :
1- في آية الكرسي أنواع من الفصاحة وعلم البيان منها (حسن الافتتاح) ، لأنها
افتتحت بأجل أسماء الله تعالى ، و(تكرار اسمه تعالى) ظاهرا ومضمرا في ثمانية عشر
موضعا ، و(الإطناب) بتكرير الصفات ، و(قطع الجمل) حيث لم يصلها بحرف العطف ،
و(الطباق) في قوله : [ ما بين أيديهم وما خلفهم ] أفاده صاحب البحر المحيط.
2- [ استمسك بالعروة الوثقى ] استعارة تمثيلية حيث شبه المستمسك بدين الإسلام
بالمستمسك بالحبل المحكم ، وعدم الانفصام ترشيح لهذه الاستعارة.
3- [ من الظلمات إلى النور ] استعارة تصريحية حيث شبه الكفر بالظلمات ، والإيمان
بالنور ، قال في تلخيص البيان : وذلك من أحسن التشبيهات ، لأن الكفر كالظلمة التى
يتسكع فيها الخابط ويضل القاصد ، والإيمان كالنور الذي يؤمه الجائر ويهتدي به
الحائر ، وعاقبة الإيمان مضيئة بالنعيم والثواب ، وعاقبة الكفر مظلمة بالجحيم
والعذاب.
فائدة :
أفرد النور وجمع الظلمات ، لأن الحق واحد لا يتعدد ، وأما طرق الضلال فكثيرة
ومتشعبة ، وكثيرا ما يأتي في القرآن كقوله تعالى [ وجعل الظلمات والنور ] .
تنبيه :
آية الكرسي لها شأن عظيم وقد صح الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بأنها أفضل آية في
كتاب الله وفيها اسم الله الأعظم كما جاء في الحديث الشريف : " اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في ثلاث : سورة البقرة ، وآل عمران ، وطه " قال هشام : أما البقرة فقوله [ الله لا إله إلا هو الحي القيوم ] وفي آل عمران [ ألم. الله لا إله إلا هو الحي القيوم ] وفي طه [ وعنت الوجوه للحي القيوم ] قال ابن كثير : وقد اشتملت على عشر جمل مستقلة ، متعلقة بالذات الإلهية وفيها تمجيد الواحد الأحد.
أعلمهم إياه على ألسنة الرسل
[ وسع كرسيه السموات والأرض ] أي أحاط كرسيه بالسموات والأرض لبسطته وسعته ،
والسموات السبع والأرضون بالنسبة للكرسي كحلقة ملقاة في فلاة ، وروي عن ابن عباس
[ وسع كرسيه ] قال : علمه بدلالة قوله تعالى [ ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ] فأخبر
أن علمه وسع كل شيء ((قال ابن جرير : وقول ابن عباس هذا يدل على صحته ظاهر
القرآن ، ولأن أصل الكرسي العلم ، ومنه يقال للعلماء كراسي لأنهم المعتمد عليهم ،
كما يقال أوتاد الأرض انتهى ، والصحيح ما قاله ابن كثير أن الكرسي خلق من
مخلوقات الله عظيم غير العرش )). وقال الحسن البصري : الكرسي هو العرش ، قال ابن
كثير : والصحيح أن الكرسي غير العرش ، وأن العرش أكبر منه كما دلت على ذلك الآثار
والأخبار
[ ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم ] أي لا يثقله ولا يعجزه حفظ السموات والأرض
ومن فيهما ، وهو العلي فوق خلقه ذو العظمة والجلال كقوله [ وهو الكبير المتعال ]
[ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ] أي لا إجبار ولا إكراه لأحد على
الدخول في دين الإسلام ، فقد بان ووضح الحق من الباطل والهدى من الضلال
[ فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة والوثقى ] أي من كفر بما
يعبد من غير الله ، كالشيطان والأوثان ، وآمن بالله فقد تمسك من الدين بأقوى سبب
[ لا انفصام لها ] أي لا انقطاع لها ولا زوال
[ والله سميع عليم ] أي سميع لأقوال عباده ، عليم بأفعالهم
[ الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ] أي الله ناصر المؤمنين
وحافظهم ومتولي أمورهم ، يخرجهم من ظلمات الكفر والضلالة ، إلى نور الإيمان
والهداية
[ والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات ] أي وأما
الكافرون فأولياؤهم الشياطين ، يخرجونهم من نور اليقين والإيمان ، إلى ظلمات الشك
والضلال
[ أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ] أي ماكثون في نار جهنم لا يخرجون منها
أبدا.
البلاغة :
1- في آية الكرسي أنواع من الفصاحة وعلم البيان منها (حسن الافتتاح) ، لأنها
افتتحت بأجل أسماء الله تعالى ، و(تكرار اسمه تعالى) ظاهرا ومضمرا في ثمانية عشر
موضعا ، و(الإطناب) بتكرير الصفات ، و(قطع الجمل) حيث لم يصلها بحرف العطف ،
و(الطباق) في قوله : [ ما بين أيديهم وما خلفهم ] أفاده صاحب البحر المحيط.
2- [ استمسك بالعروة الوثقى ] استعارة تمثيلية حيث شبه المستمسك بدين الإسلام
بالمستمسك بالحبل المحكم ، وعدم الانفصام ترشيح لهذه الاستعارة.
3- [ من الظلمات إلى النور ] استعارة تصريحية حيث شبه الكفر بالظلمات ، والإيمان
بالنور ، قال في تلخيص البيان : وذلك من أحسن التشبيهات ، لأن الكفر كالظلمة التى
يتسكع فيها الخابط ويضل القاصد ، والإيمان كالنور الذي يؤمه الجائر ويهتدي به
الحائر ، وعاقبة الإيمان مضيئة بالنعيم والثواب ، وعاقبة الكفر مظلمة بالجحيم
والعذاب.
فائدة :
أفرد النور وجمع الظلمات ، لأن الحق واحد لا يتعدد ، وأما طرق الضلال فكثيرة
ومتشعبة ، وكثيرا ما يأتي في القرآن كقوله تعالى [ وجعل الظلمات والنور ] .
تنبيه :
آية الكرسي لها شأن عظيم وقد صح الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بأنها أفضل آية في
كتاب الله وفيها اسم الله الأعظم كما جاء في الحديث الشريف : " اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في ثلاث : سورة البقرة ، وآل عمران ، وطه " قال هشام : أما البقرة فقوله [ الله لا إله إلا هو الحي القيوم ] وفي آل عمران [ ألم. الله لا إله إلا هو الحي القيوم ] وفي طه [ وعنت الوجوه للحي القيوم ] قال ابن كثير : وقد اشتملت على عشر جمل مستقلة ، متعلقة بالذات الإلهية وفيها تمجيد الواحد الأحد.
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء