قال الله تعالى : [ وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله.. إلى .. ولا هم ينصرون ] سورة البقرة من آية (83) إلى نهاية آية (86).
المناسبة :
لا تزال الآيات الكريمات تعدد جرائم اليهود ، وفي هذه الآيات الكريمة أمثلة صارخة على عدوانهم وطغيانهم وإفسادهم في الأرض ، فقد نقضوا الميثاق ، الذي أخذه الله عليهم في التوراة ، وقتلوا النفس التي حرم الله ، واستباحوا أكل أموال الناس بالباطل ، واعتدوا على إخوانهم في الدين ، فأخرجوهم من الديار ، فاستحقوا اللعنة والخزي والدمار.
اللغة :
[ ميثاق ] الميثاق : العهد المؤكد باليمين غاية التأكيد ، فإن لم يكن مؤكدا سمي عهدا
[ حسنا ] الحسن : اسم عام جامع لمعاني الخير ، ومنه لين القول ، والأدب الجميل ، والخلق الكريم ، وضده القبح ، والمعنى : قولوا قولا حسنا فهو صفة لمصدر محذوف
[ توليتم ] التولي عن الشيء : الإعراض عنه ورفضه وعدم قبوله كقوله : [ فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ] وفرق بعضهم بين التولي والإعراض ، فقال : التولي بالجسم ، والإعراض بالقلب
[ تظاهرون ] تتعاونون وهو مضارع حذف منه أحد التاءين ، كأن المتظاهرين يسند كل واحد منهما ظهره الى الآخر ، والظهير : المعين
[ الإثم ] الذنب الذي يستحق صاحبه الملامة وجمعه آثام
[ العدوان ] تجاوز الحد في الظلم
[ خزي ] الخزي : الهوان والمقت والعقوبة.
التفسير :
[ وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل ] أي اذكروا يا بني إسرائيل حين أخذنا على أسلافكم يا معشر اليهود ، العهد المؤكد غاية التأكيد
[ لا تعبدون إلا الله ] بأن لا تعبدوا غير الله تعالى
[ وبالوالدين إحسانا ] أي وأمرناهم بأن يحسنوا إلى الوالدين إحسانا
[ وذي القربى واليتامى والمساكين ] أي وأن يحسنوا أيضا إلى الأقرباء ، واليتامى الذين مات آباؤهم وهم صغار ، والمساكين الذين عجزوا عن الكسب لضعفهم
[ وقولوا للناس حسنا ] أي قولوا للناس قولا حسنا ، بخفض الجناح ، ولين الجانب ، مع الكلام الطيب
[ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ] أي صلوا وزكوا كما فرض الله عليكم ، من أداء الركنين العظيمين (الصلاة ، والزكاة) لأنهما أعظم العبادات البدنية والمالية
[ ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون ] أي ثم رفضتم وأسلافكم الميثاق رفضا باتا ، وأعرضتم عن العمل بموجبه ، إلا قليلا منكم ثبتوا عليه
[ وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ] أي واذكروا أيضا يا بني إسرائيل ، حين أخذنا عليكم العهد المؤكد ، بأن لا يقتل بعضكم بعضا
[ ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ] ولا يعتدي بعضكم على بعض ، بالإخراج من الديار ، والإجلاء عن الأوطان
[ ثم أقررتم وأنتم تشهدون ] أي ثم اعترفتم بالميثاق ، وبوجوب المحافظة عليه ، وأنتم تشهدون بلزومه
[ ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم ] أي ثم نقضتم أيضا الميثاق
يا معشر اليهود ، بعد إقراركم به ، فقتلتم إخوانكم في الدين ، وارتكبتم ما نهيتم
عنه من القتل
[ وتخرجون فريقا منكم من ديارهم ] أي كما طردتموهم أيضا من ديارهم ، من غير التفات إلى العهد الوثيق الذي عاهدتم عليه ربكم
[ تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان ] أي تتعاونون عليهم بالمعصية والظلم
[ وإن يأتوكم أسارى تفادوهم ] أي إذا وقعوا في الأسر فاديتموهم ، ودفعتهم المال لتخليصهم من الأسر
[ وهو محرم عليكم إخراجهم ] أي وإخراجهم من أوطانهم حرام عليكم ، فكيف تستبيحون القتل والإخراج من الديار ، ولا تستبيحون ترك الأسرى في أيدي عدوهم ؟
[ أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ] ؟ أي أفتؤمنون ببعض أحكام التوراة ، وتكفرون ببعض ؟ والغرض التوبيخ لهم ، لأنهم جمعوا بين الكفر والإيمان ، الكفر بقتلهم ، والإيمان بفدائهم من أيدي الأعداء ، والكفر ببعض آيات الله ، كفر بالكتاب كله ، ولهذا عقب تعالى على ذلك بقوله :
[ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ] أي ما عقوبة من يؤمن ببعض الكتاب ، ويكفر ببعض ، إلا ذل وهوان ، ومقت وغضب في الدنيا
[ ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب ] أي وهم صائرون في الآخرة إلى عذاب أشد منه ، لأنه عذاب خالد ، لا ينقضي ولا ينتهي
[ وما الله بغافل عما تعملون ] أي وليس الله غافلا عن جرائمكم ، وأعمالكم القبيحة ، وفيه وعيد شديد ، لمن عصى أوامر العزيز الحميد.. ثم أخبر تعالى عن سبب ذلك العصيان والعدوان فقال :
[ أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة ] أي أولئك الموصوفون بما ذكر من الأوصاف القبيحة ، هم الذين استبدلوا الحياة الدنيا بالآخرة ، بمعنى : اختاروها وآثروها على الآخرة
[ فلا يخفف عنهم العذاب ] أي لا يفتر عنهم العذاب ساعة واحدة
[ ولا هم ينصرون ] أي وليس لهم ناصر ينصرهم ، ولا مجير ينقذهم من عذاب الله الأليم.
تنبيه :
كانت قبيلة (بنو قريظة) و(بنو النضير) من اليهود ، يسكنون في أطراف المدينة المنورة ، فحالفت بنو قريظة (الأوس) ، وبنو النضير (الخزرج) ، فكانت الحرب إذا نشبت بينهم ، قاتل كل فريق من اليهود مع حلفائه ، فيقتل اليهودي أخاه اليهودي من الفريق الآخر ، ويخرجونهم من بيوتهم ، وينهبون ما فيها من الأثاث ، والمتاع ، والمال ، وذلك حرام عليهم في دينهم ، وفي نص التوراة ، ثم إذا وضعت الحرب أوزارها افتكوا الأسارى من الفريق المغلوب ، عملا بحكم التوراة ، ولهذا وبخهم تعالى بقوله : [ أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ] ؟
البلاغة :
1- [ لا تعبدون إلا الله ] خبر فى معنى النهي ، وهو أبلغ من صريح النهي ، كما قال أبو السعود لما فيه من إيهام أن المنهي ، حقه أن يسارع إلى الانتهاء ، فكأنه انتهى عنه ، فجاء بصيغة الخبر ، وأراد به النهي.
2- [ وقولوا للناس حسنا ] وقع المصدر موقع الصفة أي قولاً حسنا أو ذا حسن للمبالغة ، فإن العرب تضع المصدر مكان اسم الفاعل أو الصفة ، بقصد المبالغة فيقولون : هو عدل ، كأنه لشدة عدالته عين العدل.
3- التنكير فى قوله : [ خزي في الحياة الدنيا ] للتفخيم والتهويل.
4- [ تقتلون أنفسكم ] عبر عن قتل الغير بقتل النفس ، لأن من أراق دم غيره ، فكأنما أراق دم نفسه ، لأن الناس كأنهم جسد واحد ، فالعدوان عليهم عدوان على النفس الإنسانية.
5- [ أفتؤمنون ] ؟ الهمزة للإنكار التوبيخي ، والتوبيخ أسلوب من أساليب البيان.
الفوائد :
الفائدة الأولى : جاء الترتيب في الآية بتقديم الأهم فالأهم ، فقدم تعالى (حق الله) سبحانه ، لأنه المنعم في الحقيقة على العباد ، ثم قدم (حق الوالدين) لحقهما الأعظم في تربية الولد ، ثم (حق القرابة) لأن الواجب لهم صلة الرحم وأجر الإحسان ، ثم (حق اليتامى) لقلة حيلتهم ، ثم (المساكين) لضعفهم ومسكنتهم ، فبدأ بالأهم فالأهم.
[ وتخرجون فريقا منكم من ديارهم ] أي كما طردتموهم أيضا من ديارهم ، من غير التفات إلى العهد الوثيق الذي عاهدتم عليه ربكم
[ تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان ] أي تتعاونون عليهم بالمعصية والظلم
[ وإن يأتوكم أسارى تفادوهم ] أي إذا وقعوا في الأسر فاديتموهم ، ودفعتهم المال لتخليصهم من الأسر
[ وهو محرم عليكم إخراجهم ] أي وإخراجهم من أوطانهم حرام عليكم ، فكيف تستبيحون القتل والإخراج من الديار ، ولا تستبيحون ترك الأسرى في أيدي عدوهم ؟
[ أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ] ؟ أي أفتؤمنون ببعض أحكام التوراة ، وتكفرون ببعض ؟ والغرض التوبيخ لهم ، لأنهم جمعوا بين الكفر والإيمان ، الكفر بقتلهم ، والإيمان بفدائهم من أيدي الأعداء ، والكفر ببعض آيات الله ، كفر بالكتاب كله ، ولهذا عقب تعالى على ذلك بقوله :
[ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ] أي ما عقوبة من يؤمن ببعض الكتاب ، ويكفر ببعض ، إلا ذل وهوان ، ومقت وغضب في الدنيا
[ ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب ] أي وهم صائرون في الآخرة إلى عذاب أشد منه ، لأنه عذاب خالد ، لا ينقضي ولا ينتهي
[ وما الله بغافل عما تعملون ] أي وليس الله غافلا عن جرائمكم ، وأعمالكم القبيحة ، وفيه وعيد شديد ، لمن عصى أوامر العزيز الحميد.. ثم أخبر تعالى عن سبب ذلك العصيان والعدوان فقال :
[ أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة ] أي أولئك الموصوفون بما ذكر من الأوصاف القبيحة ، هم الذين استبدلوا الحياة الدنيا بالآخرة ، بمعنى : اختاروها وآثروها على الآخرة
[ فلا يخفف عنهم العذاب ] أي لا يفتر عنهم العذاب ساعة واحدة
[ ولا هم ينصرون ] أي وليس لهم ناصر ينصرهم ، ولا مجير ينقذهم من عذاب الله الأليم.
تنبيه :
كانت قبيلة (بنو قريظة) و(بنو النضير) من اليهود ، يسكنون في أطراف المدينة المنورة ، فحالفت بنو قريظة (الأوس) ، وبنو النضير (الخزرج) ، فكانت الحرب إذا نشبت بينهم ، قاتل كل فريق من اليهود مع حلفائه ، فيقتل اليهودي أخاه اليهودي من الفريق الآخر ، ويخرجونهم من بيوتهم ، وينهبون ما فيها من الأثاث ، والمتاع ، والمال ، وذلك حرام عليهم في دينهم ، وفي نص التوراة ، ثم إذا وضعت الحرب أوزارها افتكوا الأسارى من الفريق المغلوب ، عملا بحكم التوراة ، ولهذا وبخهم تعالى بقوله : [ أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ] ؟
البلاغة :
1- [ لا تعبدون إلا الله ] خبر فى معنى النهي ، وهو أبلغ من صريح النهي ، كما قال أبو السعود لما فيه من إيهام أن المنهي ، حقه أن يسارع إلى الانتهاء ، فكأنه انتهى عنه ، فجاء بصيغة الخبر ، وأراد به النهي.
2- [ وقولوا للناس حسنا ] وقع المصدر موقع الصفة أي قولاً حسنا أو ذا حسن للمبالغة ، فإن العرب تضع المصدر مكان اسم الفاعل أو الصفة ، بقصد المبالغة فيقولون : هو عدل ، كأنه لشدة عدالته عين العدل.
3- التنكير فى قوله : [ خزي في الحياة الدنيا ] للتفخيم والتهويل.
4- [ تقتلون أنفسكم ] عبر عن قتل الغير بقتل النفس ، لأن من أراق دم غيره ، فكأنما أراق دم نفسه ، لأن الناس كأنهم جسد واحد ، فالعدوان عليهم عدوان على النفس الإنسانية.
5- [ أفتؤمنون ] ؟ الهمزة للإنكار التوبيخي ، والتوبيخ أسلوب من أساليب البيان.
الفوائد :
الفائدة الأولى : جاء الترتيب في الآية بتقديم الأهم فالأهم ، فقدم تعالى (حق الله) سبحانه ، لأنه المنعم في الحقيقة على العباد ، ثم قدم (حق الوالدين) لحقهما الأعظم في تربية الولد ، ثم (حق القرابة) لأن الواجب لهم صلة الرحم وأجر الإحسان ، ثم (حق اليتامى) لقلة حيلتهم ، ثم (المساكين) لضعفهم ومسكنتهم ، فبدأ بالأهم فالأهم.
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء