قال الله تعالى :
[ إن الذين كفروا سواء عليهم.. إلى .. ولهم عذاب عظيم ] من آية (6) إلى نهاية آية (7).
المناسبة :
لما ذكر تعالى صفات المؤمنين فى الآيات السابقة ، أعقبها بذكر صفات الكافرين ، ليظهر الفارق الواضح بين الصنفين ، على طريقة القرآن الكريم فى المقارنة بين الأبرار والفجار ، والتمييز بين أهل السعادة وأهل الشقاوة ، فبالمقارنة تظهر الحقائق ، كما قيل : " وبضدها تتميز الأشياء " .
التفسير :
[ إن الذين كفروا ] أي إن الذين جحدوا بآيات الله وكذبوا رسالة محمد (صلى الله عليه وسلم)
[ سواء عليهم ] أي يتساوى عندهم
[ أأنذرتهم أم لم تنذرهم ] أي سواء أحذرتهم يا محمد من عذاب الله وخوفتهم منه أم لم تحذرهم
[ لا يؤمنون ] أي لا يصدقون بما جئتهم به ، فلا تطمع فى إيمانهم ، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات ، وفى هذا تسلية للنبى (صلى الله عليه وسلم) حول تكذيب قومه له.
ثم بين تعالى العلة فى سبب عدم الإيمان فقال
[ ختم الله على قلوبهم ] أي طبع على قلوبهم فلا يدخل فيها نور ، ولا يشرق فيها إيمان. قال المفسرون : الختم : التغطية والطبع ، وذلك أن القلوب إذا كثرت عليها الذنوب ، طمست نور البصيرة فيها ، فلا يكون للإيمان إليها مسلك ، ولا للكفر عنها مخلص كما قال تعالى : (بل طبع الله عليها بكفرهم).
[ وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ] أي وعلى أسماعهم وعلى أبصارهم غطاء ، فلا يبصرون هدى ، ولا يسمعون ، ولا يفقهون ، ولا يعقلون!! لأن أسماعهم وأبصارهم كأنها مغطاة بحجب كثيفة ، لذلك يرون الحق فلا يتبعونه ، ويسمعونه فلا يعونه. قال أبو حيان : شبه تعالى قلوبهم لتأبيها عن الحق ، وأسماعهم لإضرابها عن سماع داعي الفلاح ، وأبصارهم لامتناعها عن تلمح نور الهداية ، بالوعاء المختوم عليه ، المسدود منافذه ، المغطى بغشاء يمنع أن يصله ما يصلحه ، وذلك لأنها كانت - مع صحتها وقوة إدراكها - ممنوعة عن قبول الخير وسماعه ، وتلمح نوره ، وهذا بطريق الاستعارة
[ ولهم عذاب عظيم ] أي ولهم فى الآخرة عذاب شديد لا ينقطع ، بسبب كفرهم وإجرامهم ، وتكذيبهم بآيات الله.
البلاغة :
1- التيئيس من إيمان الكفار [ سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ] فالجملة سيقت للتنبيه على غلوهم فى الكفر والطغيان ، وعدم استعدادهم للإيمان ، ففيها تيئيس وإقناط من إيمانهم ، وفي الآية طباق السلب.
2- الاستعارة التصريحية اللطيفة [ ختم الله على قلوبهم ] شبه تعالى قلوبهم لتأبيها عن الحق ، وأسماعهم وأبصارهم لامتناعها عن تلمح نور الهداية ، بالوعاء المختوم عليه ، المسدود منافذه ، المغشى بغشاء يمنع أن يصله ما يصلحه ، واستعار لفظ (الختم والغشاوة) لذلك ، بطريق الاستعارة التصريحية.
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء