قال الله تعالى : [ ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا.. إلى .. والله
يرزق من يشاء بغير حساب ] سورة البقرة من آية (204) إلى نهاية آية (212).
المناسبة :
لما ذكر تعالى في الآيات السابقة العبادات التى تطهر القلوب ، وتزكي النفوس
كالصيام ، والصدقة ، والحج ، وذكر أن من الناس من يطلب الدنيا ولا غاية له وراءها ،
ومنهم من تكون غايته نيل رضوان الله تبارك وتعالى ، أعقبها
بذكر نموذج عن الفريقين : فريق الضلالة الذي باع نفسه للشيطان ، وفريق الهدى الذي
باع نفسه للرحمن ، ثم حذر تبارك وتعالى من اتباع خطوات الشيطان ، وبين لنا عدواته
الشديدة.
اللغة :
[ ألد ] اللدد : شدة الخصومة قال الطبري : الألد : الشديد الخصومة, وفي الحديث (إن
أبغض الرجال إلى الله الالد الخصم)
[ الحرث ] : الزرع لأنه يزرع ثم يحرث
[ النسل ] الذرية والولد ، وأصله الخروج بسرعة ومنه
[ إلى ربهم ينسلون ] وسمي نسلا لأنه ينسل – يسقط – من بطن أمه بسرعة
[ العزة ] الأنفة والحمية
[ حسبه ] حسب اسم فعل أمر بمعنى كافيه
[ المهاد ] : الفراش الممهد للنوم
[ يشري ] : يبيع
[ ابتغاء ] طلب
[ السلم ] بكسر السين بمعنى الإسلام ، وبفتحها بمعنى الصلح ، وأصله من الاستسلام
وهو الخضوع والانقياد ، قال الشاعر :
دعوت عشيرتي للسلم حتى رأيتهم تولوا مدبرينا
[ زللتم ] الزلل : الانحراف عن الطريق المستقيم وأصله في القدم ثم استعمل في
الأمور المعنوية
[ ظلل ] جمع ظلة وهي ما يستر الشمس ويحجب أشعتها عن الرؤية.
سبب النزول :
1- روي أن الأخنس بن شريق أتى النبى (صلى الله عليه وسلم) فأظهر له الإسلام وحلف أنه يحبه ، وكان
منافقا حسن العلانية خبيث الباطن ، ثم خرج من عند النبي (صلى الله عليه وسلم) فمر بزرع لقوم من
المسلمين ، وحمر فأحرق الزرع وقتل الحمر ، فأنزل الله تعالى فيه هذه الآيات [ ومن
الناس من يعجبك قوله.. ] الآية إلى قوله : [ وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها
ويهلك الحرث والنسل.. ] الآية.
2- وروي أن صهيبا الرومي لما أراد الهجرة إلى المدينة المنورة لحقه نفر من قريش
من المشركين ليردوه ، فنزل عن راحلته ونثر ما في كنانته وأخذ قوسه ثم قال : يا
معشر قريش لقد علمتم أني من أرماكم رجلا ، وأيم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بما
في كنانتي ، ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء ، ثم افعلوا ما شئتم ، قالوا :
جئتنا صعلوكا لا تملك شيئا وأنت الآن ذو مال كثير!! فقال : أرأيتم إن دللتكم على
مالي تخلون سبيلي ؟ قالوا : نعم ، فدلهم على ماله بمكة ، فلما قدم المدينة دخل على
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال له (صلى الله عليه وسلم) : (ربح البيع صهيب ، ربح البيع صهيب) ، وأنزل الله عز
وجل فيه [ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله.. ] الآية.
التفسير :
[ ومن الناس من يعجبك قوله ] أي ومن الناس فريق يروقك كلامه يا محمد ، ويثير
إعجابك بخلابة لسانه وقوة بيانه ، ولكنه منافق كذاب
[ في الحياة الدنيا ] أي في هذه الحياة فقط ، أما الآخرة فالحاكم فيها علام
الغيوب الذي يطلع على القلوب والسرائر
[ ويشهد الله على ما في قلبه ] أي يظهر لك الإيمان ، ويبارز الله بما في قلبه من
الكفر والنفاق
[ وهو ألد الخصام ] أي شديد الخصومة يجادل بالباطل ، ويتظاهر بالدين والصلاح
بكلامه المعسول
[ وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ] أي وإذا انصرف عنك عاث في الأرض فسادا ،
وقد نزلت في الأخنس ولكنها عامة في كل منافق ، يقول بلسانه ما ليس في قلبه.
يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ فيك كما يروغ الثعلب
[ ويهلك الحرث والنسل ] أي يهلك الزرع والذرية ، وهي ما تناسل من الإنسان
والحيوان ، الذي لا قوام للناس إلا بهما ، فإفسادهما تدمير للإنسانية
[ والله لا يحب الفساد ] أي يبغض الفساد ولا يحب المفسدين
[ وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم ] أي إذا وعظ هذا الفاجر ، وذكر وقيل
له انزع عن قولك وفعلك القبيح ، حملته الأنفة وحمية الجاهلية ، على الفعل بالإثم ،
والتكبر عن قبول الحق ، فأغرق في الإفساد ، وأمعن في العناد
[ فحسبه جهنم ولبئس المهاد ] أي يكفيه أن تكون له جهنم فراشا ومهاداً ، وبئس هذا
الفراش والمهاد
اللغة :
[ ألد ] اللدد : شدة الخصومة قال الطبري : الألد : الشديد الخصومة, وفي الحديث (إن
أبغض الرجال إلى الله الالد الخصم)
[ الحرث ] : الزرع لأنه يزرع ثم يحرث
[ النسل ] الذرية والولد ، وأصله الخروج بسرعة ومنه
[ إلى ربهم ينسلون ] وسمي نسلا لأنه ينسل – يسقط – من بطن أمه بسرعة
[ العزة ] الأنفة والحمية
[ حسبه ] حسب اسم فعل أمر بمعنى كافيه
[ المهاد ] : الفراش الممهد للنوم
[ يشري ] : يبيع
[ ابتغاء ] طلب
[ السلم ] بكسر السين بمعنى الإسلام ، وبفتحها بمعنى الصلح ، وأصله من الاستسلام
وهو الخضوع والانقياد ، قال الشاعر :
دعوت عشيرتي للسلم حتى رأيتهم تولوا مدبرينا
[ زللتم ] الزلل : الانحراف عن الطريق المستقيم وأصله في القدم ثم استعمل في
الأمور المعنوية
[ ظلل ] جمع ظلة وهي ما يستر الشمس ويحجب أشعتها عن الرؤية.
سبب النزول :
1- روي أن الأخنس بن شريق أتى النبى (صلى الله عليه وسلم) فأظهر له الإسلام وحلف أنه يحبه ، وكان
منافقا حسن العلانية خبيث الباطن ، ثم خرج من عند النبي (صلى الله عليه وسلم) فمر بزرع لقوم من
المسلمين ، وحمر فأحرق الزرع وقتل الحمر ، فأنزل الله تعالى فيه هذه الآيات [ ومن
الناس من يعجبك قوله.. ] الآية إلى قوله : [ وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها
ويهلك الحرث والنسل.. ] الآية.
2- وروي أن صهيبا الرومي لما أراد الهجرة إلى المدينة المنورة لحقه نفر من قريش
من المشركين ليردوه ، فنزل عن راحلته ونثر ما في كنانته وأخذ قوسه ثم قال : يا
معشر قريش لقد علمتم أني من أرماكم رجلا ، وأيم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بما
في كنانتي ، ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء ، ثم افعلوا ما شئتم ، قالوا :
جئتنا صعلوكا لا تملك شيئا وأنت الآن ذو مال كثير!! فقال : أرأيتم إن دللتكم على
مالي تخلون سبيلي ؟ قالوا : نعم ، فدلهم على ماله بمكة ، فلما قدم المدينة دخل على
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال له (صلى الله عليه وسلم) : (ربح البيع صهيب ، ربح البيع صهيب) ، وأنزل الله عز
وجل فيه [ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله.. ] الآية.
التفسير :
[ ومن الناس من يعجبك قوله ] أي ومن الناس فريق يروقك كلامه يا محمد ، ويثير
إعجابك بخلابة لسانه وقوة بيانه ، ولكنه منافق كذاب
[ في الحياة الدنيا ] أي في هذه الحياة فقط ، أما الآخرة فالحاكم فيها علام
الغيوب الذي يطلع على القلوب والسرائر
[ ويشهد الله على ما في قلبه ] أي يظهر لك الإيمان ، ويبارز الله بما في قلبه من
الكفر والنفاق
[ وهو ألد الخصام ] أي شديد الخصومة يجادل بالباطل ، ويتظاهر بالدين والصلاح
بكلامه المعسول
[ وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ] أي وإذا انصرف عنك عاث في الأرض فسادا ،
وقد نزلت في الأخنس ولكنها عامة في كل منافق ، يقول بلسانه ما ليس في قلبه.
يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ فيك كما يروغ الثعلب
[ ويهلك الحرث والنسل ] أي يهلك الزرع والذرية ، وهي ما تناسل من الإنسان
والحيوان ، الذي لا قوام للناس إلا بهما ، فإفسادهما تدمير للإنسانية
[ والله لا يحب الفساد ] أي يبغض الفساد ولا يحب المفسدين
[ وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم ] أي إذا وعظ هذا الفاجر ، وذكر وقيل
له انزع عن قولك وفعلك القبيح ، حملته الأنفة وحمية الجاهلية ، على الفعل بالإثم ،
والتكبر عن قبول الحق ، فأغرق في الإفساد ، وأمعن في العناد
[ فحسبه جهنم ولبئس المهاد ] أي يكفيه أن تكون له جهنم فراشا ومهاداً ، وبئس هذا
الفراش والمهاد
[ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ] هذا هو النوع
الثاني وهم الأخيار
الأبرار ، والمعني : ومن الناس فريق من أهل الخير والصلاح باع نفسه لله ، طالبا
لمرضاته ورغبة في ثوابه لا يتحرى بعمله إلا وجه الله
[ والله رءوف بالعباد ] أي عظيم الرحمة بالعباد يضاعف الحسنات ويعفو عن السيئات
ولا يعجل العقوبة لمن عصاه.. ثم أمر تعالى المؤمنين بالانقياد لحكمه ،
والاستسلام لأمره والدخول في الإسلام ، الذي لا يقبل الله دينا سواه فقال :
[ يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ] أي ادخلوا في الإسلام بكليته في
جميع أحكامه وشرائعه ، فلا تأخذوا حكما وتتركوا حكما ، لا تأخذوا بالصلاة وتمنعوا
الزكاة مثلا ، فالإسلام كل لا يتجزأ
[ ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ] أي لا تتبعوا طرق الشيطان
وإغواءه ، فإنه عدو لكم ظاهر العداوة
[ فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات ] أي إن انحرفتم عن الدخول في الإسلام ، من
بعد مجيء الحجج الباهرة والبراهين القاطعة على أنه حق
[ فاعلموا أن الله عزيز حكيم ] أي اعلموا أن الله غالب لا يعجزه الانتقام ممن
عصاه ، حكيم في خلقه وصنعه
[ هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ] أي ما ينتظرون شيئا
إلا أن يأتيهم الله يوم القيامة لفصل القضاء بين الخلائق ، ((ذهب الإمام الفخر
إلى أن معنى قوله : [ أن يأتيهم الله ] أي يأتيهم أمره وبأسه فهو على حذف مضاف مثل
قوله : [ واسأل القرية ] واستدل على ذلك بالآية الأخرى [ هل ينظرون إلا أن تأتيهم
الملائكة أو يأتي أمر ربك ] وما أثبتناه هو قول ابن كثير وهو مذهب السلف
الصالح.!)) حيث تنشق السماء ، وينزل الجبار عز وجل في ظلل من الغمام ، وحملة
العرش والملائكة الذين لا يعلم كثرتهم إلا الله ولهم زجل من التسبيح يقولون :
(سبحان ذي الملك والملكوت ، سبحان ذي العزة والجبروت ، سبحان الحي الذي لا يموت ،
سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت ، سبوح قدوس رب الملائكة والروح)
[ وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور ] أي انتهى أمر الخلائق بالفصل بينهم ، فريق
في الجنة وفريق في السعير ، وإلي الله وحده مرجع الناس جميعاً.. والمقصود تصوير
عظمة يوم القيامة ، وهولها وشدتها ، وبيان أن الحاكم فيها هو ملك الملوك جل وعلا ،
الذي لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه وهو أحكم الحاكمين.. ثم قال تعالى مخاطبا
رسوله الكريم
[ سل بني إسرائيل كم آتيناهم سورة البقرة من آية بينة ] أي سل يا محمد بني إسرائيل – توبيخا
لهم وتقريعا – كم شاهدوا مع موسى من معجزات باهرات ، وحجج قاطعات تدل على صدقه ؟
ومع ذلك كفروا ولم يؤمنوا
[ ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب ] أي من يبدل نعم
الله بالكفر والجحود بها ، فإن عقاب الله له أليم وشديد
[ زين للذين كفروا الحياة الدنيا ] أي زينت لهم شهوات الدنيا ونعيمها حتى نسوا
الآخرة ، وأشربت محبتها في قلوبهم حتى تهافتوا عليها ، وأعرضوا عن دار الخلود
[ ويسخرون من الذين آمنوا ] أي وهم مع ذلك يهزأون ويسخرون بالمؤمنين يرمونهم بقلة العقل ، لتركهم الدنيا وإقبالهم على الآخرة كقوله سبحانه : [ إن الذين أجرموا
كانوا من الذين آمنوا يضحكون ] قال تعالى ردا عليهم :
[ والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة ] أي والمؤمنون المتقون لله ، فوق أولئك
الكافرين منزلة ومكانة ، فهم في أعلى عليين ، وأولئك في أسفل سافلين ، والمؤمنون
في الآخرة في أوج العز والكرامة ، والكافرون في حضيض الذل والمهانة
[ والله يرزق من يشاء بغير حساب ] أي والله يرزق أولياءه رزقاً واسعاً رغداً ، لا
فناء له ولا انقطاع كقوله : [ يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب ] أو يرزق في
الأبرار ، والمعني : ومن الناس فريق من أهل الخير والصلاح باع نفسه لله ، طالبا
لمرضاته ورغبة في ثوابه لا يتحرى بعمله إلا وجه الله
[ والله رءوف بالعباد ] أي عظيم الرحمة بالعباد يضاعف الحسنات ويعفو عن السيئات
ولا يعجل العقوبة لمن عصاه.. ثم أمر تعالى المؤمنين بالانقياد لحكمه ،
والاستسلام لأمره والدخول في الإسلام ، الذي لا يقبل الله دينا سواه فقال :
[ يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ] أي ادخلوا في الإسلام بكليته في
جميع أحكامه وشرائعه ، فلا تأخذوا حكما وتتركوا حكما ، لا تأخذوا بالصلاة وتمنعوا
الزكاة مثلا ، فالإسلام كل لا يتجزأ
[ ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ] أي لا تتبعوا طرق الشيطان
وإغواءه ، فإنه عدو لكم ظاهر العداوة
[ فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات ] أي إن انحرفتم عن الدخول في الإسلام ، من
بعد مجيء الحجج الباهرة والبراهين القاطعة على أنه حق
[ فاعلموا أن الله عزيز حكيم ] أي اعلموا أن الله غالب لا يعجزه الانتقام ممن
عصاه ، حكيم في خلقه وصنعه
[ هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ] أي ما ينتظرون شيئا
إلا أن يأتيهم الله يوم القيامة لفصل القضاء بين الخلائق ، ((ذهب الإمام الفخر
إلى أن معنى قوله : [ أن يأتيهم الله ] أي يأتيهم أمره وبأسه فهو على حذف مضاف مثل
قوله : [ واسأل القرية ] واستدل على ذلك بالآية الأخرى [ هل ينظرون إلا أن تأتيهم
الملائكة أو يأتي أمر ربك ] وما أثبتناه هو قول ابن كثير وهو مذهب السلف
الصالح.!)) حيث تنشق السماء ، وينزل الجبار عز وجل في ظلل من الغمام ، وحملة
العرش والملائكة الذين لا يعلم كثرتهم إلا الله ولهم زجل من التسبيح يقولون :
(سبحان ذي الملك والملكوت ، سبحان ذي العزة والجبروت ، سبحان الحي الذي لا يموت ،
سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت ، سبوح قدوس رب الملائكة والروح)
[ وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور ] أي انتهى أمر الخلائق بالفصل بينهم ، فريق
في الجنة وفريق في السعير ، وإلي الله وحده مرجع الناس جميعاً.. والمقصود تصوير
عظمة يوم القيامة ، وهولها وشدتها ، وبيان أن الحاكم فيها هو ملك الملوك جل وعلا ،
الذي لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه وهو أحكم الحاكمين.. ثم قال تعالى مخاطبا
رسوله الكريم
[ سل بني إسرائيل كم آتيناهم سورة البقرة من آية بينة ] أي سل يا محمد بني إسرائيل – توبيخا
لهم وتقريعا – كم شاهدوا مع موسى من معجزات باهرات ، وحجج قاطعات تدل على صدقه ؟
ومع ذلك كفروا ولم يؤمنوا
[ ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب ] أي من يبدل نعم
الله بالكفر والجحود بها ، فإن عقاب الله له أليم وشديد
[ زين للذين كفروا الحياة الدنيا ] أي زينت لهم شهوات الدنيا ونعيمها حتى نسوا
الآخرة ، وأشربت محبتها في قلوبهم حتى تهافتوا عليها ، وأعرضوا عن دار الخلود
[ ويسخرون من الذين آمنوا ] أي وهم مع ذلك يهزأون ويسخرون بالمؤمنين يرمونهم بقلة العقل ، لتركهم الدنيا وإقبالهم على الآخرة كقوله سبحانه : [ إن الذين أجرموا
كانوا من الذين آمنوا يضحكون ] قال تعالى ردا عليهم :
[ والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة ] أي والمؤمنون المتقون لله ، فوق أولئك
الكافرين منزلة ومكانة ، فهم في أعلى عليين ، وأولئك في أسفل سافلين ، والمؤمنون
في الآخرة في أوج العز والكرامة ، والكافرون في حضيض الذل والمهانة
[ والله يرزق من يشاء بغير حساب ] أي والله يرزق أولياءه رزقاً واسعاً رغداً ، لا
فناء له ولا انقطاع كقوله : [ يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب ] أو يرزق في
على حسب الحكمة والمشيئة دون أن يكون له محاسب سبحانه وتعالى.
البلاغة :
1- [ أخذته العزة بالإثم ] ذكر لفظ الإثم بعد قوله العزة يسمى عند علماء البديع
بـ (التتميم) لأنه قد يتوهم أن المراد عزة المدح والثناء فذكر (بالإثم) ليشير
على أنها عزة مذمومة.
2- [ ولبئس المهاد ] هذا من باب التهكم أي جعلت له جهنم غطاء وفراشا تكريما له ،
كما تكرم الأم ولدها بالفراش اللبن.
3- [ هل ينظرون ] استفهام إنكاري في معنى النفي بدليل مجيء إلا بعدها أي ما
ينتظرون.
4- [ في ظلل من الغمام ] التنكير للتهويل ، فهي في غاية الهول لما لها من الكثافة
التي تغم على الرائي ما فيها وقوله : [ وقضي الأمر ] هو عطف على المضارع
[ يأتيهم الله ] وإنما عدل إلى صيغة الماضي ، للدلالة على تحققه فكأنه قد كان.
5- [ فإن الله شديد العقاب ] إظهار الاسم الجليل لتربية المهابة وإدخال الروعة.
6- [ زين .. ويسخرون ] أورد التزيين بصيغة الماضى لكونه مفروغاً منه مركوزاً في
طبيعتهم ، وعطف عليه بالفعل المضارع [ ويسخرون ] للدلالة على استمرار السخرية
منهم ، لأن صيغة المضارع تفيد الدوام والاستمرار.
تنبيه :
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى فى رسالته التدمرية : " وصفه تعالى نفسه بالإتيان
في ظلل من الغمام ، كوصفه بالمجيء في آيات أخر والقول في جميع ذلك من جنس واحد ، وهو مذهب سلف الأمة وأئمتها ، إنهم يصفونه سبحانه بما وصف به نفسه من غير تحريف ، ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، والقول في صفاته كالقول في ذاته ، فلو سأل سائل :
كيف يجيء سبحانه ؟ فليقل له : كما لا تعلم كيفية ذاته ، كذلك لا تعلم كيفية صفاته " .
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء