قال الله تعالى : [ وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم .. إلى .. وما
هم بخارجين من النار ] سورة البقرة من آية (163) إلى نهاية (167).
المناسبة :
لما ذكر تعالى حال الكافرين الجاحدين لآيات الله وما لهم من العذاب والنكال في
الآخرة ، ذكر هنا أدلة القدرة والوحدانية ، وأتى بالبراهين على وجود الخالق
الحكيم ، فبدأ بذكر العالم العلوي ، ثم بالعالم السفلي ، ثم بتعاقب الليل والنهار ،
ثم بالسفن التي تمخر عباب البحار ، ثم بالأمطار التي فيها حياة الزروع والأشجار ،
ثم بما بث في الأرض من أنواع الحيوانات العجيبة ، ثم بالرياح والسحب التي سخرها
الله لفائدة الإنسان ، وختم ذلك بالأمر بالتفكر في بدائع صنع الله ، ليستدل
العاقل بالأثر على وجود المؤثر ، وبالصنعة على عظمة الخالق المدبر جل وعلا.
اللغة :
[ وإلهكم ] الإله : المعبود بحق أو باطل ، والمراد به هنا المعبود بحق وهو الله رب
العالمين
[ الفلك ] ما عظم من السفن وهو اسم يطلق على المفرد والجمع
[ وبث ] فرق ونشر ومنه [ كالفراش المبثوث ]
[ دابة ] الدابة في اللغة : كل ما يدب على الأرض ، من إنسان وحيوان مأخوذ من الدبيب
وهو المشي رويداً وقد خصه العرف بالحيوان ، ويدل على المعنى اللغوي قوله تعالى :
[ والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشى على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين
ومنهم من يمشي على أربع ] فجمع بين الزواحف والإنسان والحيوان
[ تصريف الرياح ] الرياح : جمع ريح وهي نسيم الهواء ، وتصريفها تقليبها في الجهات ،
ونقلها من حال إلى حال ، فتهب حارة وباردة ، وعاصفة ولينة ، وملقحة للنبات وعقيما
[ المسخر ] من التسخير وهو التذليل والتيسير
[ أنداداً ] جمع ند وهو المماثل والمراد بها الأوثان والأصنام
[ الأسباب ] جمع سبب وأصله الحبل ، والمراد به هنا : ما يكون بين الناس من روابط
كالنسب والصداقة
[ كرة ] الكرة : الرجعة والعودة إلى الحالة التي كان فيها
[ حسرات ] جمع حسرة وهي أشد الندم على شيء فائت ، وفي التنزيل [ أن تقول نفس يا
حسرتا على ما فرطت في جنب الله ] .
سبب النزول :
عن عطاء قال : أنزلت بالمدينة على النبي (صلى الله عليه وسلم) [ وإلهكم إله واحد ] فقالت كفار قريش
بمكة كيف يسع الناس إله واحد ؟ فأنزل الله تعالى : [ إن في خلق السموات والأرض..
إلى قوله.. لآيات لقوم يعقلون ] .
التفسير :
[ وإلهكم إله واحد ] أي إلهكم المستحق للعبادة إله واحد ، لا نظير له في ذاته ، ولا
في صفاته ، ولا في أفعاله
[ لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ] أي لا معبود بحق إلا هو جل وعلا ، مولي النعم
ومصدر الإحسان
[ إن في خلق السموات والأرض ] أي إن في إبداع السموات والأرض بما فيهما من عجائب
الصنعة ودلائل القدرة
[ واختلاف الليل والنهار ] أي تعاقبهما بنظام محكم ، يأتي الليل فيعقبه النهار ،
وينسلخ النهار فيعقبه الليل ، ويطول النهار ويقصر الليل ، والعكس
[ والفلك التي تجري في البحر ] أي السفن الضخمة الكبيرة ، التى تسير في البحر على
وجه الماء ، وهي موقرة بالأثقال
[ بما ينفع الناس ] أي بما فيه مصالح الناس من أنواع المتاجر والبضائع
[ وما أنزل الله من السماء من ماء ] أي وما أنزل الله من السحاب من المطر الذي به
حياة البلاد والعباد
[ فأحيا به الأرض بعد موتها ] أي أحيا بهذا الماء الزروع والأشجار ، بعد أن كانت
يابسة مجدبة ليس فيها حبوب ولا ثمار
[ وبث فيها من كل دابة ] أي نشر وفرق في الأرض ، من كل ما يدب عليها من أنواع
الدواب ، المختلفة في أحجامها وأشكالها وألوانها وأصواتها
[ وتصريف الرياح ] أي تقليب الرياح في هبوبها جنوبا وشمالا ، حارة وباردة ، ولينة
وعاصفة
[ والسحاب المسخر بين السماء والأرض ] أي السحاب المذلل بقدرة الله ، يسير حيث شاء
الله ، وهو يحمل الماء الغزير ، ثم يصبه على الأرض قطرات قطرات ، قال كعب الأحبار :
السحاب غربال المطر ، ولولا السحاب لأفسد المطر ما يقع عليه من الأرض
[ لآيات لقوم يعقلون ] أي لدلائل وبراهين عظيمة دالة على القدرة القاهرة ، والحكمة
الباهرة ، والرحمة الواسعة ، لقوم لهم عقول تعي ، وأبصار تدرك ، وتتدبر ، بأن هذه
الأمور من صنع إله قادر حكيم.. ثم أخبر تعالى عن سوء عاقبة المشركين الذين
عبدوا غير الله فقال
[ ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا ] أي ومن الناس من تبلغ بهم الجهالة ، أن
يتخذ من غير الله رؤساء وأصناماً ، يجعلها أشباها ونظراء مع الله ، كأنها تخلف
وترزق ، وهي حجارة صماء بكماء
[ يحبونهم كحب الله ] أي يعظمونهم ويخضعون لهم كحب المؤمنين لله
[ والذين آمنوا أشد حبا لله ] أي حب المؤمنين لله أشد من حب المشركين للأنداد
[ ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا ] أي لو رأى الظالمون
حين يشاهدون العذاب ، المعد لهم يوم القيامة ، أن القدرة كلها لله وحده
[ وأن الله شديد العذاب ] أي وأن عذاب الله شديد أليم ، وجواب " لو " محذوف للتهويل
أي لرأوا ما لا يوصف من الهول والفظاعة
[ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ] أي تبرأ الرؤساء من الأتباع
[ ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب ] أي حين عاينوا العذاب وتقطعت بينهم الروابط
وزالت المودات
[ وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم ] أي تمنى الأتباع لو أن لهم رجعة
إلى الدنيا ، ليتبرءوا من هؤلاء الذين أضلوهم السبيل
[ كما تبرءوا منا ] أي كما تبرأ الرؤساء من الأتباع في ذلك اليوم العصيب.. قال
تعالى :
[ كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم ] أي أنه تعالى كما أراهم شدة عذابه كذلك
يريهم أعمالهم القبيحة ندامات شديدة ، وحسرات تتردد في صدورهم كأنها شرر الجحيم
[ وما هم بخارجين من النار ] أي ليس لهم سبيل إلى الخروج من النار ، بل هم في عذاب
سرمدي ، وشقاء أبدي.
البلاغة :
1- [ وإلهكم إله واحد ] ورد الخبر خاليا من التأكيد ، مع أن من الناس من ينكر
وحدانية الله ، تنزيلا للمنكر منزلة غير المنكر ، وذلك لأن بين أيديهم من
البراهين الساطعة ، والحجج القاطعة ، ما لو تأملوه لوجدوا فيه غاية الإقناع.
2- [ لآيات ] التنكير في آيات للتفخيم أي آيات عظيمة دالة على قدرة قاهرة وحكمة
باهرة.
3- [ كحب الله ] فيه تشبيه (مرسل مجمل حيث ذكرت الأداة وحذف وجه الشبه.
4- [ أشد حبا لله ] التصريح بالأشدية أبلغ من أن يقال " أحب الله " كقوله [ فهي
كالحجارة أو أشد قسوة ] مع صحة أن يقال : أو أقسى.
5- [ ولو يرى الذين ظلموا ] وضع الظاهر موضع الضمير [ ولو يرون ] لإحضار الصورة في
ذهن السامع ، وتسجيل السبب فى العذاب الشديد ، وهو الظلم الفادح.
6- في قوله : [ رأوا العذاب ] و[ تقطعت بهم الأسباب ] من علم البديع ما يسمى بـ
(الترصيع) وهو أن يكون الكلام مسجوعا ، من غير تكلف ولا تعسف.
[ بما ينفع الناس ] أي بما فيه مصالح الناس من أنواع المتاجر والبضائع
[ وما أنزل الله من السماء من ماء ] أي وما أنزل الله من السحاب من المطر الذي به
حياة البلاد والعباد
[ فأحيا به الأرض بعد موتها ] أي أحيا بهذا الماء الزروع والأشجار ، بعد أن كانت
يابسة مجدبة ليس فيها حبوب ولا ثمار
[ وبث فيها من كل دابة ] أي نشر وفرق في الأرض ، من كل ما يدب عليها من أنواع
الدواب ، المختلفة في أحجامها وأشكالها وألوانها وأصواتها
[ وتصريف الرياح ] أي تقليب الرياح في هبوبها جنوبا وشمالا ، حارة وباردة ، ولينة
وعاصفة
[ والسحاب المسخر بين السماء والأرض ] أي السحاب المذلل بقدرة الله ، يسير حيث شاء
الله ، وهو يحمل الماء الغزير ، ثم يصبه على الأرض قطرات قطرات ، قال كعب الأحبار :
السحاب غربال المطر ، ولولا السحاب لأفسد المطر ما يقع عليه من الأرض
[ لآيات لقوم يعقلون ] أي لدلائل وبراهين عظيمة دالة على القدرة القاهرة ، والحكمة
الباهرة ، والرحمة الواسعة ، لقوم لهم عقول تعي ، وأبصار تدرك ، وتتدبر ، بأن هذه
الأمور من صنع إله قادر حكيم.. ثم أخبر تعالى عن سوء عاقبة المشركين الذين
عبدوا غير الله فقال
[ ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا ] أي ومن الناس من تبلغ بهم الجهالة ، أن
يتخذ من غير الله رؤساء وأصناماً ، يجعلها أشباها ونظراء مع الله ، كأنها تخلف
وترزق ، وهي حجارة صماء بكماء
[ يحبونهم كحب الله ] أي يعظمونهم ويخضعون لهم كحب المؤمنين لله
[ والذين آمنوا أشد حبا لله ] أي حب المؤمنين لله أشد من حب المشركين للأنداد
[ ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا ] أي لو رأى الظالمون
حين يشاهدون العذاب ، المعد لهم يوم القيامة ، أن القدرة كلها لله وحده
[ وأن الله شديد العذاب ] أي وأن عذاب الله شديد أليم ، وجواب " لو " محذوف للتهويل
أي لرأوا ما لا يوصف من الهول والفظاعة
[ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ] أي تبرأ الرؤساء من الأتباع
[ ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب ] أي حين عاينوا العذاب وتقطعت بينهم الروابط
وزالت المودات
[ وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم ] أي تمنى الأتباع لو أن لهم رجعة
إلى الدنيا ، ليتبرءوا من هؤلاء الذين أضلوهم السبيل
[ كما تبرءوا منا ] أي كما تبرأ الرؤساء من الأتباع في ذلك اليوم العصيب.. قال
تعالى :
[ كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم ] أي أنه تعالى كما أراهم شدة عذابه كذلك
يريهم أعمالهم القبيحة ندامات شديدة ، وحسرات تتردد في صدورهم كأنها شرر الجحيم
[ وما هم بخارجين من النار ] أي ليس لهم سبيل إلى الخروج من النار ، بل هم في عذاب
سرمدي ، وشقاء أبدي.
البلاغة :
1- [ وإلهكم إله واحد ] ورد الخبر خاليا من التأكيد ، مع أن من الناس من ينكر
وحدانية الله ، تنزيلا للمنكر منزلة غير المنكر ، وذلك لأن بين أيديهم من
البراهين الساطعة ، والحجج القاطعة ، ما لو تأملوه لوجدوا فيه غاية الإقناع.
2- [ لآيات ] التنكير في آيات للتفخيم أي آيات عظيمة دالة على قدرة قاهرة وحكمة
باهرة.
3- [ كحب الله ] فيه تشبيه (مرسل مجمل حيث ذكرت الأداة وحذف وجه الشبه.
4- [ أشد حبا لله ] التصريح بالأشدية أبلغ من أن يقال " أحب الله " كقوله [ فهي
كالحجارة أو أشد قسوة ] مع صحة أن يقال : أو أقسى.
5- [ ولو يرى الذين ظلموا ] وضع الظاهر موضع الضمير [ ولو يرون ] لإحضار الصورة في
ذهن السامع ، وتسجيل السبب فى العذاب الشديد ، وهو الظلم الفادح.
6- في قوله : [ رأوا العذاب ] و[ تقطعت بهم الأسباب ] من علم البديع ما يسمى بـ
(الترصيع) وهو أن يكون الكلام مسجوعا ، من غير تكلف ولا تعسف.
الخلود.
الفوائد :
الأولى : ذكر تعالى فى الآية من عجائب مخلوقاته ثمانية أنواع تنبيها على ما فيها
من العبر ، واستدلالا على الوحدانية من الأثر ،
- الأول : خلق السموات وما فيها من الكواكب والشمس والقمر.
- الثاني : الأرض وما فيها من جبال وبحار وأشجار وأنهار ومعادن وجواهر ،
- الثالث : اختلاف الليل والنهار بالطول والقصر ، والنور والظلمة ، والزيادة
والنقصان ،
- الرابع : السفن العظيمة كأنها الراسيات من الجبال ، وهي موقرة بالأثقال
والرجال ، تجري بها الرياح مقبلة ومدبرة ،
- الخامس : المطر الذي جعله الله سببا لحياة الموجودات من حيوان ونبات وإنزاله
بمقدار ،
- السادس : ما بث في الأرض من إنسان وحيوان مع اختلاف الصور والأشكال والألوان ،
- السابع : تصريف الرياح ، والهواء جسم لطيف وهو مع ذلك في غاية القوة ، بحيث يقلع
الصخر والشجر ويخرب البنيان العظيم ، وهو سبب حياة الموجودات ، فلو أمسك طرفة عين
لمات كل ذي روح وأنتن ما على وجه الأرض ،
- الثامن : السحاب مع ما فيه من المياه العظيمة التي تسيل منها الأودية الكبيرة ،
يبقى معلقا بين السماء والأرض ، بلا علاقة تمسكه ، ولا دعامة تسنده ، فسبحان الله
الواحد القهار!!.
الثانية : ورد لفظ الرياح في القرآن مفردة ومجموعة ، فجاءت مجموعة مع الرحمة ،
مفردة مع العذاب كقوله : [ ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات ] وقوله : [ وهو الذي
أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته ] وجاءت مفردة في العذاب كقوله : [ بريح صرصر
عاتية ] وقوله : [ الريح العقيم ] وروي أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يقول إذا هبت الريح :
" اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحاً " .
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء