قال الله تعالى : [ ولقد أنزلنا إليك آيات بينات.. إلى قوله : لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون ] سورة البقرة من آية (99) إلى نهاية آية (103).
المناسبة :
لما ذكر تعالى ما جبل عليه اليهود ، من خبث السريرة ونقض العهود ، والتكذيب لرسل الله ، حتى انتهى بهم الحال إلى عداوة " جبريل " الأمين عليه السلام ، أعقب ذلك ببيان أن من عادة اليهود ، عدم الوفاء بالعهود ، وتكذيب الرسل ، واتباع طرق الشعوذة والضلال ، وفي ذلك تسلية لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) حيث نبذوا الكتاب وراء ظهورهم ، واتبعوا ما ألقت إليهم الشياطين ، من كتب السحر والشعوذة ، ونسبوها إلى سليمان عليه السلام ، وهو منها بريء ، وهكذا حالهم مع جميع الرسل الكرام ، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات.
اللغة :
[ نبذ ] النبذ : الطرح والإلقاء ، ومنه سمي اللقيط منبوذا ، لأنه ينبذ على الطريق ، قال الشاعر :
إن الذين أمرتهم أن يعدلوا نبذوا كتابك واستحلوا المحرما
[ تتلو ] تحدث وتروي ، من التلاوة بمعنى القراءة ، أو بمعنى الاتباع ، قال الطبري : ولقول القائل : " هو يتلو كذا " في كلام العرب معنيان : أحدهما الاتباع كما تقول : تلوت فلانا إذا مشيت خلفه وتبعت أثره ، والآخر : القراءة والدراسة ، كقولك : فلان يتلو القرآن أي يقرؤه
[ السحر ] قال الجوهري : كل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر ، وسحره أيضا بمعنى خدعه وفي الحديث " إن من البيان لسحرا "
[ فتنة ] الفتنة : الابتلاء والاختبار ، ومنه قولهم : فتنت الذهب إذا امتحنته بالنار لتعرف سلامته أو غشه
[ خلاق ] الخلاق : النصيب ، قال الزجاج : هو النصيب الوافر من الخير ، وأكثر ما يستعمل في الخير
[ لمثوبة ] المثوبة : الثواب والجزاء.
التفسير :
[ ولقد أنزلنا إليك آيات بينات ] أي والله لقد أنزلنا إليك يا محمد ، آيات واضحات دالات على نبوتك
[ وما يكفر بها إلا الفاسقون ] أي وما يجحد بهذه الآيات ،
ويكذب بها إلا الخارجون عن الطاعة ، الماردون على الكفر
[ أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم ] أي أيكفرون بالآيات وهي في غاية الوضوح ؟ وكلما أعطوا عهدا نقضه جماعة منهم ؟
[ بل أكثرهم لا يؤمنون ] أي بل أكثر اليهود لا يؤمن بالتوراة ، الإيمان الصادق ، لذلك ينقضون العهود والمواثيق
[ ولما جاءهم رسول من عند الله ] وهو محمد (صلى الله عليه وسلم) خاتم النبيين
[ مصدق لما معهم ] أي مصدقا للتوراة ، وموافقا لها فى أصول الدين ، ومقررا لنبوة موسى عليه السلام
[ نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم ] أي طرح أحبارهم وعلماؤهم التوراة ، وأعرضوا عنها بالكلية ، لأنها تدل على نبوة محمد (صلى الله عليه وسلم) فجحدوا الوحي ، وأصروا على إنكار نبوته
[ كأنهم لا يعلمون ] أي كأنهم لا يعلمون من دلائل نبوته شيئا
[ واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان ] أى اتبعوا طرق السحر والشعوذه ، التى كانت تحدثهم بها الشياطين فى عهد ملك سليمان
[ وما كفر سليمان ] أي وما كان سليمان ساحرا ، ولا كفر بتعلمه السحر
[ ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ] أي ولكن الشياطين هم الذين علموا الناس السحر ، حتى فشا أمره بين الناس
[ وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ] أي وكما اتبع رؤساء اليهود السحر ، كذلك اتبعوا ما أنزل على الملكين وهما (هاروت وماروت) بمملكة بابل بأرض الكوفة ، وقد أنزلهما الله ابتلاء وامتحانا للناس
[ وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ] أي إن الملكين لا يعلمان أحدا من الناس السحر ، حتى يبذلا له النصيحة ، ويقولا : إن هذا الذي نصفه لك ، إنما هو امتحان من الله وابتلاء ، فلا تستعمله للإضرار ولا تكفر بسببه ، فمن تعلمه ليدفع ضرره عن الناس فقد نجا ، ومن تعلمه ليلحق ضرره بالناس ، فقد هلك وضل.. قال تعالى :
[ فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ] أي يتعلمون منهما من علم السحر ، ما يكون سببا في التفريق بين الزوجين ، فبعد أن كانت المودة والمحبة بينهما يصبح الشقاق والفراق
[ وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ] أي وما هم بما استعملوه من السحر يضرون أحدا إلا إذا شاء الله
[ ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ] أي والحال أنهم بتعلم السحر ، يحصلون على الضرر لا على النفع ، فيضرون أنفسهم من حيث لا يشعرون
[ ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ] أي ولقد علم اليهود الذين نبذوا كتاب الله ، وأستبدلوا به السحر ، أنهم ليس لهم حظ من رحمة الله ، ولا من الجنة ، لأنهم اثروا السحر على كتاب الله
[ ولبئس ما شروا به أنفسهم ، لو كانوا يعلمون ] أي ولبئس هذا الشيء الذي باعوا به أنفسهم ، لو كان لهم علم أو فهم وإدراك !!
[ ولو أنهم آمنوا واتقوا ] أي ولو أن أولئك الذين يتعلمون السحر ، آمنوا بالله وخافوا عذابه
[ لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون ] أي لأثابهم الله ثواباً أفضل ، مما شغلوا به أنفسهم من السحر ، الذي لا يعود عليهم إلا بالويل ، والخسار ، والدمار!.
سبب النزول :
لما ذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سليمان في المرسلين ، قال بعض أحبار اليهود : ألا تعجبون لمحمد يزعم أن سليمان بن داود كان نبيا!! والله ما كان إلا ساحرا ، فنزلت هذه الآية [ وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ] .
البلاغة :
1- [ رسول من عند الله ] التنكير للتفخيم ، ووصف الرسول بأنه آت من عند الله ، لإفادة مزيد التعظيم والتكريم لشأن الرسول (صلى الله عليه وسلم).
2- [ وراء ظهورهم ] مثل يضرب للإعراض عن الشيء جملة ، تقول العرب : جعل هذا الأمر وراء ظهره ، أي تولى عنه معرضا ، لأن ما يجعل وراء الظهر لا ينظر إليه ، فهو كناية عن الإعراض عن التوراة بالكلية.
[ أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم ] أي أيكفرون بالآيات وهي في غاية الوضوح ؟ وكلما أعطوا عهدا نقضه جماعة منهم ؟
[ بل أكثرهم لا يؤمنون ] أي بل أكثر اليهود لا يؤمن بالتوراة ، الإيمان الصادق ، لذلك ينقضون العهود والمواثيق
[ ولما جاءهم رسول من عند الله ] وهو محمد (صلى الله عليه وسلم) خاتم النبيين
[ مصدق لما معهم ] أي مصدقا للتوراة ، وموافقا لها فى أصول الدين ، ومقررا لنبوة موسى عليه السلام
[ نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم ] أي طرح أحبارهم وعلماؤهم التوراة ، وأعرضوا عنها بالكلية ، لأنها تدل على نبوة محمد (صلى الله عليه وسلم) فجحدوا الوحي ، وأصروا على إنكار نبوته
[ كأنهم لا يعلمون ] أي كأنهم لا يعلمون من دلائل نبوته شيئا
[ واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان ] أى اتبعوا طرق السحر والشعوذه ، التى كانت تحدثهم بها الشياطين فى عهد ملك سليمان
[ وما كفر سليمان ] أي وما كان سليمان ساحرا ، ولا كفر بتعلمه السحر
[ ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ] أي ولكن الشياطين هم الذين علموا الناس السحر ، حتى فشا أمره بين الناس
[ وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ] أي وكما اتبع رؤساء اليهود السحر ، كذلك اتبعوا ما أنزل على الملكين وهما (هاروت وماروت) بمملكة بابل بأرض الكوفة ، وقد أنزلهما الله ابتلاء وامتحانا للناس
[ وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ] أي إن الملكين لا يعلمان أحدا من الناس السحر ، حتى يبذلا له النصيحة ، ويقولا : إن هذا الذي نصفه لك ، إنما هو امتحان من الله وابتلاء ، فلا تستعمله للإضرار ولا تكفر بسببه ، فمن تعلمه ليدفع ضرره عن الناس فقد نجا ، ومن تعلمه ليلحق ضرره بالناس ، فقد هلك وضل.. قال تعالى :
[ فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ] أي يتعلمون منهما من علم السحر ، ما يكون سببا في التفريق بين الزوجين ، فبعد أن كانت المودة والمحبة بينهما يصبح الشقاق والفراق
[ وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ] أي وما هم بما استعملوه من السحر يضرون أحدا إلا إذا شاء الله
[ ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ] أي والحال أنهم بتعلم السحر ، يحصلون على الضرر لا على النفع ، فيضرون أنفسهم من حيث لا يشعرون
[ ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ] أي ولقد علم اليهود الذين نبذوا كتاب الله ، وأستبدلوا به السحر ، أنهم ليس لهم حظ من رحمة الله ، ولا من الجنة ، لأنهم اثروا السحر على كتاب الله
[ ولبئس ما شروا به أنفسهم ، لو كانوا يعلمون ] أي ولبئس هذا الشيء الذي باعوا به أنفسهم ، لو كان لهم علم أو فهم وإدراك !!
[ ولو أنهم آمنوا واتقوا ] أي ولو أن أولئك الذين يتعلمون السحر ، آمنوا بالله وخافوا عذابه
[ لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون ] أي لأثابهم الله ثواباً أفضل ، مما شغلوا به أنفسهم من السحر ، الذي لا يعود عليهم إلا بالويل ، والخسار ، والدمار!.
سبب النزول :
لما ذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سليمان في المرسلين ، قال بعض أحبار اليهود : ألا تعجبون لمحمد يزعم أن سليمان بن داود كان نبيا!! والله ما كان إلا ساحرا ، فنزلت هذه الآية [ وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ] .
البلاغة :
1- [ رسول من عند الله ] التنكير للتفخيم ، ووصف الرسول بأنه آت من عند الله ، لإفادة مزيد التعظيم والتكريم لشأن الرسول (صلى الله عليه وسلم).
2- [ وراء ظهورهم ] مثل يضرب للإعراض عن الشيء جملة ، تقول العرب : جعل هذا الأمر وراء ظهره ، أي تولى عنه معرضا ، لأن ما يجعل وراء الظهر لا ينظر إليه ، فهو كناية عن الإعراض عن التوراة بالكلية.
4- [ لمثوبة من عند الله ] جيء بالجملة الأسمية بدل الفعلية ، للدلالة على الثبوت والاستقرار.
فائدة :
الحكمة من تعليم الملكين الناس السحر ، أن السحرة كثروا فى ذلك العهد ، واخترعوا فنونا غريبة من السحر ، وربما زعموا أنهم أنبياء ، فبعث الله تعالى الملكين ليعلما الناس وجوه السحر ، حتى يتمكنوا من التمييز بينه وبين المعجزة ، ويعرفوا أن الذين يدعون النبوة كذبة ، إنما هم سحرة لا أنبياء مرسلون.
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء