قال الله تعالى :
[ وإذا قال ربك للملائكة... إلى ... وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ] سورة البقرة من آية (30) إلى نهاية آية (33).
المناسبة :
لما امتن تعالى على العباد بنعمة الخلق والإيجاد وأنه سخر لهم ما في الأرض جميعا ، وأخرجهم من العدم إلى الوجود ، أتبع ذلك ببدء خلقهم ، وامتن عليهم بتشريف أبيهم وتكريمه ، بجعله خليفة ، وإسكانه دار الكرامة ، وإسجاد الملائكة تعظيما لشأنه ، ولا شك أن الإحسان على الأصل إحسان إلى الفرع ، والنعمة على الآباء نعمة على الأبناء ، ولهذا ناسب أن يذكرهم بذلك ، لأنها من وجوه النعم التي أنعم بها عليهم.
اللغة :
[ إذ ] ظرف زمان منصوب بفعل محذوف تقديره : أذكر حين أو اذكر وقت ، وقد يصرح بالمحذوف كقوله تعالى [ واذكروا إذ أنتم قليل ] قال المبرد : إذا جاء " إذ " مع مستقبل كان معناه ماضيا نحو قوله [ وإذ يمكر بك ] معناه إذ مكروا ، وإذا جاء " إذا " مع الماضي كان معناه مستقبلا كقوله [ فإذا جاءت الطامة ] و[ إذا جاء نصر الله ] أي يجيء.
[ خليفة ] الخليفة : من يخلف غيره وينوب منابه ، (فعيل) بمعنى (فاعل) والتاء للمبالغة ، سمي خليفة لأنه مستخلف عن الله عز وجل في إجراء الأحكام وتنفيذ الأوامر الربانية قال تعالى [ يا داود إنا جعلناك خليفة فى الأرض ] الآية
[ يسفك ] السفك : الصب والإراقة ، ولا يستعمل إلا فى الدم قال فى المصباح : وسفك الدم : أراقه ، وبابه ضرب .
[ نسبح ] التسبيح : تنزيه الله وتبرئته عن السوء ، وأصله من السبح وهو الجري والذهاب قال تعالى : [ إن لك فى النهار سبحا طويلا ] فالمسبح جار فى تنزيه الله تعالى
[ ونقدس ] التقديس : التطهير ومنه الأرض المقدسة وروح القدس ، وضده التنجيس ، وتقديس الله معناه : تمجيده وتعظيمه وتطهير ذكره عما لا يليق به ، وفي صحيح مسلم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يقول في ركوعه وسجوده (سبوح قدوس ، رب الملائكة والروح)
[ أنبئوني ] أخبروني ، والنبأ : الخبر الهام ذو الفائدة العظيمة قال تعالى : [ قل هو نبأ عظيم ]
[ وتبدون ] تظهرون
[ تكتمون ] تخفون ، ومنه كتم العلم أي إخفاؤه.
التفسير :
[ وإذا قال ربك للملائكة ] أي اذكر يا أيها الرسول واقصص على قومك ذلك
[ إني جاعل في الأرض خليفة ] أي خالق فى الأرض ومتخذ فيها خليفة ، هو آدم أبو البشر ، يكون له ذرية ونسل ، يخلف بعضهم بعضا ، قرنا بعد قرن ، وجيلا بعد جيل
[ قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ] أي قالوا على سبيل التعجب والاستعلام : كيف تستخلف هؤلاء ، وفيهم من يفسد فى الأرض بالمعاصي
[ ويسفك الدماء ] أي يريق الدماء بالبغي والاعتداء !!
[ ونحن نسبح بحمدك ] أي ننزهك عما لا يليق بك متلبسين بحمدك
[ ونقدس لك ] أي نعظم أمرك ونطهر ذكرك مما نسبه أليك الملحدون
[ قال إني أعلم ما لا تعلمون ] أي أعلم من المصالح ما هو خفي عليكم ، ولي حكمة في خلق الخليقة لا تعلمونها
[ وعلم آدم الأسماء كلها ] أي أسماء المسميات كلها قال ابن
عباس : علمه اسم كل شئ حتى القصعة والمغرفة
[ ثم عرضهم على الملائكة ] أي عرض المسميات على الملائكة وسألهم على سبيل التبكيت
[ فقال أنبئوني ] أي أخبروني
[ بأسماء هؤلاء ] أي بأسماء هذه المخلوقات التي ترونها
[ إن كنتم صادقين ] أي في زعمكم أنكم أحق بالخلافة ممن استخلفته ، والحاصل أن الله تعالى أظهر فضل آدم للملائكة بتعليمه ما لم تعلمه الملائكة ، وخصه بالمعرفة التامة دونهم ، من معرفة الأسماء ، والأشياء ، والأجناس ، واللغات ، ولهذا اعترفوا بالعجز والقصور
[ قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ] أي ننزهك يا الله عن النقص ونحن لا علم لنا إلا ما علمتنا إياه
[ إنك أنت العليم ] أي الذي لا تخفى عليه خافية
[ الحكيم ] الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة
[ قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم ] أي أعلمهم بالأسماء التى عجزوا عن علمها ، واعترفوا بتقاصر هممهم عن بلوغ مرتبتها
[ فلما أنبأهم بأسمائهم ] أي أخبرهم بكل الأشياء ، وسمى كل شئ باسمه ، وذكر حكمته التي خلق لها
[ قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض ] أي قال تعالى للملائكة : ألم أنبئكم بأني أعلم ما غاب فى السموات والأرض عنكم
[ وأعلم ما تبدون ] أي ما تظهرون
[ وما كنت تكتمون ] أي تسرون من دعواكم أن الله لا يخلق خلقاً أفضل منكم. روي أنه تعالى لما خلق آدم عليه السلام رأت الملائكة فطرته العجيبة ، وقالوا : ليكن ما شاء فلن يخلق ربنا خلقا إلا كنا أكرم عليه منه!!.
البلاغة :
1- التعرض بعنوان الربوبية [ وإذ قال ربك ] مع الإضافة إلى الرسول عليه السلام للتشريف والتكريم لمقامه ، وتقديم الجار والمجرور [ للملائكة ] للاهتمام بما قدم ، والتشويق إلى ما أخر.
2- الأمر في قوله تعالى [ أنبئوني ] خرج عن حقيقته إلى التعجيز والتبكيت.
3- [ فلما أنبأهم بأسمائهم ] فيه مجاز بالحذف والتقدير : فأنبأهم بها فلما أنبأهم ، حذف لفهم المعنى.
4- [ ثم عرضهم ] هو من باب التغليب لأن الميم علامة الجمع للعقلاء الذكور ، ولو لم يغلب لقال [ ثم عرضها ] أو عرضهن.
5- إبراز الفعل فى قوله [ إني أعلم غيب السموات ] ثم قال [ وأعلم ما تبدون ] للاهتمام بالخبر والتنبيه على إحاطة علمه تعالى بجميع الأشياء ، ويسمى هذا بالإطناب.
6- تضمنت آخر هذه الآية من علم البديع ما يسمى بـ " الطباق " وذلك فى كلمتي [ تبدون ] و[ تكتمون ] كقوله تعالى عن أصحاب الكهف [ وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ] .
الفوائد :
الأولى : قال بعض العلماء : في إخبار الله تعالى للملائكة عن خلق آدم واستخلافه في الأرض ، تعليم لعباده المشاورة في أمورهم قبل أن يقدموا عليها.
الثانية : الحكمة من جعل آدم عليه السلام خليفة هي الرحمة بالعباد – لا لافتقار الله – وذلك أن العباد لا طاقة لهم على تلقي الأوامر والنواهي من الله مباشرة ، ولا بواسطة ملك ، فمن رحمته ولطفه وإحسانه إرسال الرسل من البشر.
الثالثة : قال الحافظ ابن كثير : وقول الملائكة : [ أتجعل فيها من يفسد فيها ] الآية ليس هذا على وجه الاعتراض على الله ، ولا على وجه الحسد لبني آدم ، وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك ، يقولون : ما الحكمة في خلق هؤلاء مع أن منهم من يفسد في الأرض ؟ وقال فى التسهيل : وإنما علمت الملائكة أن بني آدم يفسدون بإعلام الله إياهم بذلك ، وقيل : كان في الأرض جن فأفسدوا ، فبعث الله إليهم ملائكة فقتلتهم ، فقاس الملائكة بني آدم عليهم.
الرابعة : سئل الشعبي : هل لإبليس زوجة ؟ قال : ذلك عرس لم أشهده ؟ قال : ثم قرأت قوله تعالى : [ أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني ] فعلمت أنه لا يكون له ذرية إلا من زوجة ، فقلت : نعم.
[ ثم عرضهم على الملائكة ] أي عرض المسميات على الملائكة وسألهم على سبيل التبكيت
[ فقال أنبئوني ] أي أخبروني
[ بأسماء هؤلاء ] أي بأسماء هذه المخلوقات التي ترونها
[ إن كنتم صادقين ] أي في زعمكم أنكم أحق بالخلافة ممن استخلفته ، والحاصل أن الله تعالى أظهر فضل آدم للملائكة بتعليمه ما لم تعلمه الملائكة ، وخصه بالمعرفة التامة دونهم ، من معرفة الأسماء ، والأشياء ، والأجناس ، واللغات ، ولهذا اعترفوا بالعجز والقصور
[ قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ] أي ننزهك يا الله عن النقص ونحن لا علم لنا إلا ما علمتنا إياه
[ إنك أنت العليم ] أي الذي لا تخفى عليه خافية
[ الحكيم ] الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة
[ قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم ] أي أعلمهم بالأسماء التى عجزوا عن علمها ، واعترفوا بتقاصر هممهم عن بلوغ مرتبتها
[ فلما أنبأهم بأسمائهم ] أي أخبرهم بكل الأشياء ، وسمى كل شئ باسمه ، وذكر حكمته التي خلق لها
[ قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض ] أي قال تعالى للملائكة : ألم أنبئكم بأني أعلم ما غاب فى السموات والأرض عنكم
[ وأعلم ما تبدون ] أي ما تظهرون
[ وما كنت تكتمون ] أي تسرون من دعواكم أن الله لا يخلق خلقاً أفضل منكم. روي أنه تعالى لما خلق آدم عليه السلام رأت الملائكة فطرته العجيبة ، وقالوا : ليكن ما شاء فلن يخلق ربنا خلقا إلا كنا أكرم عليه منه!!.
البلاغة :
1- التعرض بعنوان الربوبية [ وإذ قال ربك ] مع الإضافة إلى الرسول عليه السلام للتشريف والتكريم لمقامه ، وتقديم الجار والمجرور [ للملائكة ] للاهتمام بما قدم ، والتشويق إلى ما أخر.
2- الأمر في قوله تعالى [ أنبئوني ] خرج عن حقيقته إلى التعجيز والتبكيت.
3- [ فلما أنبأهم بأسمائهم ] فيه مجاز بالحذف والتقدير : فأنبأهم بها فلما أنبأهم ، حذف لفهم المعنى.
4- [ ثم عرضهم ] هو من باب التغليب لأن الميم علامة الجمع للعقلاء الذكور ، ولو لم يغلب لقال [ ثم عرضها ] أو عرضهن.
5- إبراز الفعل فى قوله [ إني أعلم غيب السموات ] ثم قال [ وأعلم ما تبدون ] للاهتمام بالخبر والتنبيه على إحاطة علمه تعالى بجميع الأشياء ، ويسمى هذا بالإطناب.
6- تضمنت آخر هذه الآية من علم البديع ما يسمى بـ " الطباق " وذلك فى كلمتي [ تبدون ] و[ تكتمون ] كقوله تعالى عن أصحاب الكهف [ وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ] .
الفوائد :
الأولى : قال بعض العلماء : في إخبار الله تعالى للملائكة عن خلق آدم واستخلافه في الأرض ، تعليم لعباده المشاورة في أمورهم قبل أن يقدموا عليها.
الثانية : الحكمة من جعل آدم عليه السلام خليفة هي الرحمة بالعباد – لا لافتقار الله – وذلك أن العباد لا طاقة لهم على تلقي الأوامر والنواهي من الله مباشرة ، ولا بواسطة ملك ، فمن رحمته ولطفه وإحسانه إرسال الرسل من البشر.
الثالثة : قال الحافظ ابن كثير : وقول الملائكة : [ أتجعل فيها من يفسد فيها ] الآية ليس هذا على وجه الاعتراض على الله ، ولا على وجه الحسد لبني آدم ، وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك ، يقولون : ما الحكمة في خلق هؤلاء مع أن منهم من يفسد في الأرض ؟ وقال فى التسهيل : وإنما علمت الملائكة أن بني آدم يفسدون بإعلام الله إياهم بذلك ، وقيل : كان في الأرض جن فأفسدوا ، فبعث الله إليهم ملائكة فقتلتهم ، فقاس الملائكة بني آدم عليهم.
الرابعة : سئل الشعبي : هل لإبليس زوجة ؟ قال : ذلك عرس لم أشهده ؟ قال : ثم قرأت قوله تعالى : [ أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني ] فعلمت أنه لا يكون له ذرية إلا من زوجة ، فقلت : نعم.
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء